ما الذي جرأ رجال الرئيس إلي هذا الحد؟، هل الرئيس بحكم السن أصبح يمرر لهم بعض ما كان لا يسمح به أن يمر، أم لأنه يحتاجهم في توريث الحكم تركهم يفعلون ما يريدون؟ هل بقاء رجال الرئيس في كراسيهم لسنوات طويلة هو الذي جعلهم يتجاوزون؟ ما الذي تغير وجعل رجال الرئيس يسبون ويتحدون المجتمع ومؤسساته بهذا الشكل؟!
مساء الأحد الماضي كان عمرو أديب وحمدي رزق يستعرضان في برنامج القاهرة اليوم واقعة تظاهر بعض الشباب القبطي في ميدان التحرير، ومطالبتهم بالقصاص من المسئولين عن مذبحة نجع حمادي، وأشار حمدي رزق إلي أن المتهم الأول في الجريمة طلب شهادة الدكتور فتحي سرور، وأن دفاع المتهم طلب من المحكمة استدعاء الدكتور سرور للشهادة، وهذا الكلام كان منشورا في بعض الصحف، وخلال تعرض عمرو وحمدي لمطالب الأقباط ومشاكلهم، اتصل د.سرور ـ رئيس مجلس الشعب ـ علي الهواء مباشرة، واعتقد عمرو أنه سيتحدث للتعليق علي المظاهرة، لكنه رفض سرور بحدة وقال إنه اتصل ليعلق علي ما قاله رزق، وأكد رزق له أن هذا الكلام قاله المتهم في المحكمة، قال سرور: ده ابن ستين كلب، فسأله رزق: دفاع المتهم طلب شهادتك، رد قائلا: يروح في داهية، سأله: لو طلبتك المحكمة للشهادة هتروح: قال بحدة: لأ مش رايح.. وكمان المحكمة رفضت طلبه.
هذا ما ذكره د.فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري في مداخلته علي الهواء مباشرة، والتي سمعها الملايين من المصريين والعرب، فقد سب د.سرور المتهم ووالده، كما سب هيئة الدفاع، وأعلن تحديه للقضاء المصري، مؤكدا أنه لن يذهب للشهادة، وهذه اللغة الخارجة لم نعهدها علي الإطلاق في مداخلات المشاهدين بمختلف ثقافاتهم وطبقاتهم ووظائفهم، حتي المهنيون والعامة من الناس لم يتلفظوا بهذه الكلمات علي الهواء، فما بالكم وصدورها من رئيس مجلس الشعب المصري، وهو المنصب الثاني في الدستور بعد رئيس الجمهورية، والأخطر من التجاوز في الكلام، تحدي السلطة القضائية، بأنه لن يذهب، وفهم من أسلوبه أنه لم يكن يستجيب للمحكمة حتي لو استدعته، وبالطبع هذا يوضح الأنا المتضخمة لبعض رجال الرئيس، وكيف أنهم يرون ذاتهم أكبر من القانون ومن المؤسسات، فالدولة اختزلوها في ذواتهم، وأصبحوا هم القانون والوطن، ويوضح أيضا أن بعض رجال الرئيس لم يعد يهمهم ولا يعنيهم أحد، لا في داخل البلاد ولا في خارجها، فهو علي يقين أن هذه الدولة لم يعد بها من يهابه أو يخيفه أو يحاسبه، فالحبل أصبح علي الغارب، ولا أخفي عليكم أن التجاوزات اللفظية داخل مجلس الشعب، والتي وصلت إلي سب الدين وذكر عورات الأمهات، تعد نتاجاً لمظاهر الشيخوخة التي دبت في الدولة، وكنت أظن أن هذه اللغة في الأماكن المغلقة، لكن وبحمد الله أصبحت تقال علي الهواء مباشرة، وأظن أننا لو كنا قبل عشر سنوات ما تجرأ د.فتحي سرور علي استخدام هذه اللغة، وما تجرأ بعض نواب الحزب الوطني علي تبادلها داخل المجلس، لكن والحال هكذا كان علي عمرو أديب أن يتصدي لرئيس مجلس الشعب، وينبهه أنه علي الهواء وأن كلامه يدخل المنازل، ويسمعه الملايين من المصريين والعرب، وكان عليه أيضا أن يؤكد له أن هذه اللغة تستخدم في البيوت وفي الطرق وفي مجلس الشعب وليس في القنوات التليفزيونية