[img]
https://alomah.yoo7.com/[/img]بمجرد أن تعافيت من الصداع النصفي الذي داهمني فور مشاهدتي لفيديو وزير التربية والتعليم وهو يزور مدرسة الخلفاء الراشدين بحلوان، فوجئت بفرح عدد لا بأس به من الناس بما حدث! وتذكرت جملة حسن عابدين الخالدة: أنا عايز حد يهزأني.. يهزأني.. يهزأني.
فرح الناس بإهانة مدرسين وناظر أمام التلاميذ، وفرحوا بإرهاب تلميذ لا يزيد عمره علي تسع سنوات، وغالبًا سيقضي شهرا كاملا من حياته يحلم بالوزير ويبلل المرتبة أثناء نومه. سعد الناس بوزير تربية وتعليم لا يعلم شيئا عن ألف باء أسس التربية ولا التعليم، لمجرد أنه أشبع احتياجات شاذة لدي بعض الناس للتشفي والشماتة. وحين أقول إننا نتحول إلي مجتمع فاشيستي، يضحك الناس. وسأظل أطلق سارينة الخطر: نحن نتحول إلي مجتمع متوحش يشبه مجتمع الرومان الذين كانوا يستمتعون بمشاهدة الأسد وهو يأكل المصارع.
بداية، ألا يعلم وزير التربية والتعليم أن هذا هو حال كل مدارس الحكومة؟ إن كان يعلم واختار مدرسة بشكل عشوائي ليضحي بموظفيها ويقدمهم كبش فداء، فهو ظالم، وإن كان لا يعلم، فمن الأفضل أن يستقيل. ثانيا: هل هذه المدرسة معلقة في الهواء بلا إشراف من منطقة تعليمية؟ ألا ترسل المنطقة التعليمية مشرفين ومفتشين لمتابعة هذه المدرسة وغيرها؟ لماذا لم يعاقب المسئول عن هذه المنطقة التعليمية؟
ثالثًا: ليت الوزير يطلع علي كشوفات مرتبات المدرسين والنظار قبل أن يهجم علي الناس في محل عملهم. رابعًا: هذه المدرسة تابعة لنظام وقوانين، إذا كانت متسيبة - هي وكل المدارس الحكومية - فذلك بسبب النظم والقوانين الموضوعة، فهل أحدث الوزير تجديدًا وتطويرًا في النظم والقوانين قبل أن يهبط علي المواطنين ويرهبهم؟ خامسا: ما الذي يميز ناظر مدرسة ملتزم عن آخر متسيب؟ هل يكافئ الملتزم وينال ما يستحقه من تقدير؟ أم أنه كما يصيغها جميع العاملين بالمؤسسات الحكومية: إللي بيشتغل زي إللي ما بيشتغلش؟
سادسا: وهو الأهم: ما علاقة الزيارة المفاجئة والتفتيش علي المدارس بإهانة المربين أمام التلاميذ؟ وإهانة الناظر أمام المربين والتلاميذ؟ وإرعاب طفل والتحدث معه بصيغة ضابط شرطة يخاطب مروج مخدرات؟ وما الحكمة من تصوير كل ما سبق علي شاشات التليفزيون حتي تكون الإهانة دولية؟ إذ إن ضحايا قنبلة الوزير سيشار إليهم بالبنان: ده اللي اتهزأ في التليفزيون.
ثم لماذا يفرح الناس بهذا المشهد اللا إنساني؟ أما من منطق؟ أما من عدل؟ أما من رحمة؟ أما من مشاركة وجدانية مع زملاء في التسيب؟ عيني في عينك كده: إذا كنت تعمل في مؤسسة حكومية، ألا تفعل مثل ما يفعل الناظر والمدرسون؟ كذاب.. قبل أن تنطق كذاب. وإذا كنت تعمل في قطاع خاص ألا تشعر بالعبودية والتهديد المتواصل والمستمر بفقدان عملك؟ ألا تشعر بالمهانة حين يدخل المدير ويتصرف بالأسلوب نفسه الذي تصرف به الوزير؟
إذا كان الوزير ومن فوق الوزير ومن تحت الوزير لا يعلمون أن المشكلة في النظام وليست في الأفراد، فها أنا أخبرهم؟ وإذا كان هذا المجتمع يستمتع بتحوله إلي مجتمع ناز وليس فاشيًا فقط، فليعلنوا ذلك لأهاجر.