اعتقد لو اتخذ اتحاد عمال مصر موقفا حاسما من الخصخصة، مثلما يتخذون موقفهم الآن من الدكتور محمد البرادعى، لما أقدمت الحكومة عليها بالتوسع الذى تم، وأعتقد أن هذا الاتحاد الذى لا يرى عيبا تمارسه الحكومة ضد العمال، لو أصدر بيانا يهاجم عملية بيع المصانع، كالبيان الذى أصدره هجوما على البرادعى لما تم بيع المصانع برخص التراب.
اتحاد عمال مصر هو كيان المفترض أن رسالته الأساسية هى حماية مصالح العمال، من أى هجمات مضادة تشنها الحكومة أو أصحاب الشركات، لكن القائمين عليه انتقلوا فجأة من الدفاع عن القطاع العام الذى أرضعهم خيرا، وتربوا فيه نقابيا وعماليا، إلى التخلى عنه والتبشير بجنة القطاع الخاص.
يعوم اتحاد العمال الآن على بحيرة من الاضرابات العمالية، وبدلا من موقف حاسم منه ضد الخصخصة باعتبارها السبب الرئيسى لإشعال هذه الإضرابات، رأى الاتحاد أن يوجه هجوما كاسحا ضد البرادعى، وقال فى بيان أصدره: "البرادعى بالنسبة لعمال مصر مجرد مواطن سافر إلى الخارج وعمل موظفا دوليا، وجمع الكثير من الدولارات واليورو، والتى وفرت له حياة الرفاهية بعد خروجه إلى المعاش كأى مواطن سافر إلى الخليج طلبا للرزق".
لغة البيان تفتقد إلى أى نوع من الكياسة السياسية، وتستخدم تعبيرات لا تسحب من رصيد البرادعى بل تزيد من التعاطف معه، خاصة أن اتحاد العمال الذى هو مصدرها ليس مستقلا عن الحكومة حتى لو أقسمت قياداته بغير ذلك.
لم يقتصر بيان الاتحاد فى عدم كياسته على استخدام لغة غير لائقة ضد البرادعى، بل امتدت هذه اللغة الى أنصاره وهى فى مجملها تبدو لغة تافهة، فبعد أن تختصر شخص البرادعى فى أنه مجرد جامع للدولارات تقول عن أنصاره : "جالسون على الرصيف السياسى، وأنهم تلقفوا البرادعى، واعتبروه مجرد سلعة قاموا بتعبئتها وتسويقها ليضللوا جموع الشعب عن الطريق الصحيح".
استحضر الاتحاد لغة خشبية فى بيانه، ونصب من نفسه وصيا على الوطنية يوزعها كيفما يرى، ولأنه كذلك فلن يصدقه أحد فيما يقوله، والأجدى لقياداته أن يلتفتوا إلى الخصخصة وكوارثها.