تأثير المياه الجوفية على الآثار المصرية، وغرق الدلتا، وأزمة المياه فى مصر ومستقبل حصة مصر منها، والسيول، وإنشاء مدن جديدة والزحف العمرانى على الأراضى الزراعية، كانت أهم المحاور التى ناقشها الدكتور فاروق الباز مدير مركز أبحاث الفضاء بجامعة بوسطن، خلال الندوة التى عقدتها الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء برئاسة الدكتور أيمن الدسوقى مساء أمس الأحد.
"هناك سدود بالفعل تم عملها فى أثيوبيا وإسرائيل ساعدتهم واحنا هنا غايبين" كان ذلك تعليق الدكتور الباز حول أزمة مياه حوض النيل ونفى ما يطلق عليه حق مصر التاريخى والسياسى فى مياه النيل، قائلا "الأمطار بتنزل عندهم هناك، إزاى أفرض عليهم وهى المطرة بتاعتهم".
إلا أن هذا الحديث قوبل بالرفض من قبل بعض الباحثين والحضور الذين هاجموا وجهة نظر الدكتور فاروق الباز فى نفى حق مصر التاريخى فى النيل، وردد أحد الباحثين، قائلا "المطر ليس ملكهم ولكن ملك الإنسانيه ولا يعنى نزول المطر على هذه الدول أن تمنع وصول نهر النيل لمصر".
وأضاف الباز، لابد من التوجه إلى دول حوض النيل لعمل مشروعات وإشعارهم بأن مصر محل أخيهم الكبير، موضحا أننا تركنا أفريقيا خلال السنوات الأربعين الماضية وكأننا لسنا من هذه القارة وكأننا فى قارة أوروبا، حتى السودان نسيناها واصفا هذا الوضع قائلا "ودى خيبة كبيرة" مؤكدا أن السدود التى يتم بناؤها فى دول منابع النيل سوف تقلل حصة مصر من المياه فضلا عن قيام أثيوبيا بعرض ملايين الأفدنة من الأراضى لاستزراعها، الأمر الذى سيؤثر أيضا على حصة مصر من المياه، وأضاف الباز قائلا "ربنا هيرزقنا برضه بالمياه".
وحول تحلية مياه البحر كبديل لتوفير المياه قال الباز إن تكلفة تحلية مياه البحر كبيرة وبحاجة إلى طاقه كبيرة أيضا وهو غير متوفر، موضحا أنه بالرغم من وجود طاقة الرياح والطاقة الشمسية بوفرة فى مصر إلا أننا لم نستخدمها.
وتساءل مستنكرا "هنجيب فلوس منين عشان نحلى مية البحر وفيما يتعلق بأهمية إطلاق قمر صناعى آخر لدراسة أرض مصر، أكد الدكتور الباز أنه إذا أطلقنا قمرا صناعيا آخر لدراسة الزراعات ومعرفة مساحة وحدود الأراضى الزراعية لن يفيد لأن القمر الحالى يقوم بهذه الوظيفة لكنه إذا تم إطلاق قمر صناعى لدراسة الصحارى والأودية فى مصر سوف يكون هذا مجديا.
وعبر بعض الحضور المشاركين فى الندوة من هيئة الآثار عن قلقهم من خطورة المياه الجوفية أسفل المعابد وتأثيرها السلبى على النقوش الأثرية على الجدران وفى المتاحف مؤكدين أن بعض الدراسات تشير إلى اختفاء النقوش من على الجدران الأثرية بعد 50 عاما نتيجة المياه الجوفية مما سوف يهدد السياحة فى مصر، وعلق الدكتور الباز على هذا الأمر، قائلا إن المياه الجوفية إذا تم الاستفادة بها واستغلالها فى القرى القريبة منها وظهير الصحراوى سوف يتم استغلالها دون أن تؤثر بشكل سلبى خطير على هذه الآثار المصرية.
واوضح الباز أن المياه الجوفية أفضل صحيا من مياه النيل حيث إن مرور المياه فى الصخور يترك وراءه بعض "السم" الذى أصاب مياه النيل، وفيما يتعلق بتنمية المدن وتقليل كثافة السكان فى العاصمة قال الباز إن الناس يقيمون فى العاصمة فى مستوى معيشى مرتفع ويحصلون على رواتب مرتفعة وإن عودة كل منهم إلى مدينته الأصلية سوف يدفعه إلى بناء بيوت جديدة وفيلات مما سوف يؤثر على الأراضى الزراعية، موضحا أن كل شخص يعود إلى بلدته سوف يؤدى إلى إهدار 5 أفدنة وزراعية صالحة لإنتاج الغذاء، وقال مستنكرا "هو مش هيرجع الزريبة تانى لكن هيبنى فيلا أو بيت جديد".
وفى إجابته لسؤال حول تنمية حلايب وشلاتين، أكد أن هذه المنطقة تصلح للتنمية السياحية حيث إن كمية المياه الجوفية التى يمكن استخدامها فى هذه المنطقة محدودة فتصلح لأغراض الشرب وزراعة أنواع بسيطة من الخضروات والفاكهة وليس لزراعة مئات الأفدنة من المحاصيل الهامة كالقمح والقطن، واستنكر الباز سوء التخطيط الذى يحدث فى بعض الأوقات عندما يتم بناء القرى السياحية، موضحا أنه عندما يتم بناء فنادق يتم نسيان أن هناك عمالة سوف تعمل فى هذه الفنادق بحاجة إلى أماكن للسكن ومواصلات.
"يا نهار أسود" كان هذا تعليق الدكتور فاروق الباز عندما علم من الدكتور أيمن الدسوقى رئيس الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء انه لم تحصل الهيئة حتى الآن على التصريح الذى سبق أن تقدمت به الهيئة لطلب التصوير بطائرة فوق صخرة الدويقة التى انهارت وذلك لدراسة الموقف والتعرف على سبب انهيارها.
وعن رأيه فى احتمال غرق الدلتا قال الدكتور فاروق الباز إن "الدلتا عمرها ما هتغرق"، مؤكدا أن الإسكندرية لن تغرق، وأن ارتفاع المياه فى منطقة اللسان فى رأس البر ليس بسبب التغيرات المناخية بل بسبب السد العالى.
وفيما يتعلق بالسيول أوضح الباز، أنه إذا ارتفعت درجة حرارة الجو وتأثرت الكرة الأرضية بالتغيرات المناخية سوف يزيد ذلك من السيول على عكس ما يعتقد البعض بأن الأمطار سوف تقل، لأن مع ارتفاع حرارة الجو سوف تزيد نسبة البخر وتكون السحب وبالتالى هطول الأمطار.
وفيما يتعلق بممر التنمية، قال الباز إنه عرض المبادرة على الناس لكى يقتنعوا بها أولا والحكومة هى التى طلبته منى فلم أقتد به من نفسى لها، موضحا أنه أراد أن تكون كل الأطراف مقتنعة بهذا المشروع وعلى فهم به حتى لا يكون مثل مشروع توشكى بتاع الحكومة.