أستاذ الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب من الرواد فى الفكر القانونى
والدستورى والذى يؤمن بلا شك بالحقوق والحريات العامة للمواطنين وله
مؤلفات عظيمة فى هذا وهى مراجع أساسية لذلك أثار دهشتى تصريح د. فتحى سرور
رئيس مجلس الشعب فى جريدة الأهرام يوم الأحد الماضى بشأن المعارضة والحركات
الاحتجاجية، عندما صرح قائلاً «إن فى مصر حزباً يعمل، وحركات احتجاجية
ومعارضين يسعون للهدم لا البناء، وليس لدى هؤلاء أى رؤية للإصلاح، فهذه
المجموعات تحمل الفؤوس لهدم كل شىء».
وكلنا نعلم أن التواجد القوى للمعارضة والحركات الاحتجاجية بتنوعاتها
المختلفة من إخوان مسلمين وحركة كفاية وأحزاب سياسية ومحامين وصحفيين وطلبة
وأساتذة الجامعات وعمال... أحد مظاهر المجتمعات الديمقراطية، ويجمع هذه
الحركات أسباب واحدة، ولعل أهمها: حالة الاحتقان السياسى والاقتصادى الذى
تعيشه البلاد منذ سنوات طويلة نتيجة فرض استمرار حالة الطوارئ منذ عام 1981
وحتى الآن، وغياب الحريات، واحتكار السلطة، وترسانة القوانين المقيدة
للحقوق والحريات، واستمرار جرائم التعذيب، واستمرار حبس المعتقلين رغم
الحصول على قرارات من المحاكم المختصة بالإفراج عنهم، وتزوير إرادة الشعوب
فى الانتخابات، وهيمنة السلطة التنفيذية على باقى السلطات، واختفاء دولة
القانون والمؤسسات لتحل محلها السلطة المطلقة، وارتفاع معدلات البطالة
والفقر...الخ.مما يدفعنا للقول أن غاية هذه القوى والأحزاب السياسية
والحركات الاحتجاجية هى الرغبة فى تحقيق الإصلاح السياسى والدستورى الذى
يشكل النقطة المركزية للقضاء على الفساد وتحقيق دولة سيادة القانون بعيدة
كل البعد عن الهدم، فهى تعبر عن اتجاه المجتمع وأمله فى حياة ديمقراطية.
أما بالنسبة لقول حزب واحد فى مصر يعمل، والمقصود هنا الحزب الوطنى، فهو
مردود عليه أيضاً، وفى الحقيقة أن الأحزاب السياسية الأخرى البالغ عددها 24
حزباً- مقيدة بفعل البيئة التشريعية المعيقة للعمل الحزبى الممثلة فى
القانون رقم40 لسنة 1977 وتعديلاته بالقانون 177 لسنة 2005 والذى تعود
جذوره إلى فترة الرئيس الأسبق أنور السادات.
وإن كان هذا القانون قد أكد فى مادته الأولى على «حق تكوين الأحزاب
السياسية وحق المصريين فى الانتماء لأى حزب سياسى وذلك طبقا لأحكام
القانون»، إلا أن المشرع صادر هذا الحق وعصف به وأهدره إلى الحد الذى أصبح
تكوين حزب سياسى فى ظل الشروط المنصوص عليها فى هذا القانون، وفى ظل اللجنة
الإدارية المسماة بلجنة شؤون الأحزاب، هو ضرب من ضروب المستحيل. كذلك فإن
استمرار العمل بقانون الطوارئ بشكل متصل لمدة ثلاثين عاما وبما تضمنه من
قيود على ممارسة الحقوق والحريات بشكل يمكن أن نقول إنه صادرها، أحد أهم
الأسباب لضعف العمل السياسى بشكل عام والعمل الحزبى بشكل خاص.
وهنا يصبح من الواضح أن المشكلة ليست فى الأحزاب السياسية وقوى المعارضة، بل فى البيئة السياسية والقانونية المقيدة لعملها