موضوع: أحلام مصر وكاميليا الجمعة 6 أغسطس 2010 - 13:25
تبدو مصر الآن وكأنها مشترك قرر إلغاء خاصية الاتصال الدولى مكتفيا بالجرى وراء العروض المجانية المحلية والاستمتاع بخدمة الرسائل القصيرة.
أو كأنها قررت رفع نفسها من الخدمة، أو فى أفضل الأحوال تشغل خاصية «كلمنى شكرا» طوال الوقت، وعليه فهى تمضى وقتها فى منطقة ردود الأفعال، تاركة المبادرة والمبادأة للآخرين.
ولابد أنك توقفت عند تلك الصور التى نقلتها وسائل إعلام دولية ــ وبعض المحلية على استحياء ــ من بيروت، ويظهر فيها ملك السعودية ورئيس سوريا مع رؤساء الترويكا اللبنانية.. وتساءلت: أين مصر من كل ذلك؟.
المفترض أن الأيام القليلة الماضية أظهرت أن لبنان قد يواجه حريقا طائفيا جديدا على خلفية نتائج التحقيقات فى اغتيال رفيق الحريرى، والتقطت جميع الأنوف رائحة شياط تنبعث من بيروت، خصوصا مع تلمس بوادر حرب تصريحات بين حزب الله من جانب، وما عرف بقوى 14 آذار من جانب آخر، وتزامن مع ذلك، حديث عن احتمالات عمل عسكرى إسرائيلى ضد الأراضى اللبنانية.
وقبل سنوات، وفى ظروف وتطورات مثل هذه، كان العرب يولون وجوههم شطر مصر، ورغم معرفتهم بأنها مكبلة باستحقاقات كامب ديفيد والمعاهدة مع الكيان الصهيونى، إلا أن مصر كانت الرقم الأهم فى المعادلة.
غير أنه هذه المرة، قرر العرب أن يتحركوا بدون مصر، الغائبة أو المغيبة أو المتغيبة، سمها كما شئت، ولا تلتفت كثيرا لمن يطنطنون أوتوماتيكيا بشعارات الريادة والقيادة دون أن ينتبهوا إلى أننا تنازلنا عنهما أو ضيعنا مفاتيحهما، طوعا أو كرها.
وفى أجواء كهذه، طبيعى للغاية أن يقرر العرب أن يملأوا الفراغ، ويحاولوا منع الحريق اللبنانى بما استطاعوا من أدوات وطموحات وتطلعات بعض الأطراف للجلوس على مقعد القيادة، طالما القيادة التاريخية للمنطقة مشغولة بملفات أخرى داخل جلدها، من نوعية لعب دور الوسيط فى مفاوضات المطران مع محافظ المنيا، أو الاستغراق حتى النخاع فى أزمة السيدة كاميليا وزوجها الكاهن، أو البحث عن مخرج آمن من توابع الحرب الكروية العبثية مع الجزائر، أو النضال غير المقدس ضد كل دعوات التغيير وتجييش كل شىء ضد البرادعى وكل من لف لفه، أو إحياء مشروع التوريث مرة أخرى، أو الاشتباك الأجوف حول إعادة ترسيم الحدود بين أراضى الدولة المصرية، وأراضى السادة الوزراء النافذين.
باختصار شديد يا محترم، مصر أغلقت الباب على نفسها وتقوقعت فى المساحة من الضبعة والساحل شمالا إلى جزيرة آمون جنوبا، والخطير أنها لم تعد تبدى انزعاجا أو تبرما من تآكل مساحات دورها العربى والإقليمى، وتبدو شديدة القناعة بتلك المساحة الصغيرة التى تتحرك فيها خارجيا وهى ملف المفاوضات الفلسطينية الفلسطينية والتى تراوح مكانها منذ سنوات وكأنه لا يراد لها أن تنتهى.
إن أخطر ما تصاب به الأوطان أن تفقد الرغبة فى الحلم والقدرة على الغضب والأسى على تصاغر حجمها، والكارثة الحقيقية أن أحدا من المسئولين لا يبدو منزعجا ولا حزينا وهو يرى مصر تترك عجلة القيادة وتكتفى بدور المتفرج.