د الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد - نقيب الصحفيين - أن مصر تحتاج إلى حكمة وعقل الرئيس مبارك ليعبر بها المرحلة المقبلة الحرجة فى تاريخ مصر، قائلا أثناء الحوار الذى أجراه معه الإعلامى جابر القرموطى فى برنامجه "مانشيت" على قناة أون تى فى، مساء أمس الاثنين، إن أى شخص غير مبارك سوف يزيد من حرب الاضطرابات الموجودة فى الشارع المصرى.
وعبر مكرم عن رأيه فى شخصية جمال مبارك بأنه شخصية ذكية ومجتهدة ودارس للملفات المصرية ومتابع للموقف الاقتصادى بدقة، ووجه مكرم انتقاده إلى من يحيط بجمال مبارك طالبا منه أن يعيد النظر فى حاشيته ومن حوله، مع ضرورة أن يضم إليه المثقفين والبسطاء وليس فقط رجال الأعمال، كما وصف الحزب الوطنى بأنه حزب فضفاض وكبير، إلا أن حصاده أقل من الأضواء المسلطة عليه. موضحا أن الوطنى حول نفسه بأسلوب معالجاته الخاطئة إلى فريقين: الأول يساند جمال مبارك وهم رجال الأعمال، والثانى يساند الرئيس مبارك وهم الحرس القديم، مؤكدا أن مبارك له اليد العليا وصاحب القرار والحسم فى البلد، لكن كان من المفترض توافر قدر من الذكاء واللياقة للمسئولين بالحزب حول مرشحه فى انتخابات الرئاسة المقبلة، وأضاف قائلا: "غالبية المصريين مطمأنون أن مبارك لديه القدرة والحكمة على قيادة مصر فى الفترة المقبلة، لكن من حقنا أن نعرف هل سيخوض جمال مبارك الانتخابات أم لا؟".
وعن إخفاء الأخبار وتجهيلها حول قضية حيوية مثل صحة الرئيس مما ساعد الصحف الأجنبية وخاصة الإسرائيلية فى تناولها بما يضعف مصر ووجودها فى العالم العربى، طالب مكرم الصحافة بأن تتعامل بحكمة ومهنية فى هذه القضية من خلال اللجوء إلى مصدر طبى واضح متمثل فى المستشفى الألمانى التى سافر إليها الرئيس ووزير الصحة الذى علق على الأزمة وخرج فى مؤتمر صحفى للفريق الطبى المعالج، قائلا "الشارع الصحفى يحتاج إلى تنظيف شامل".
وانتقد مكرم أحزاب المعارضة والتى اعتبرها بقايا أحزاب، فى حين عبر عن أمله فى حزب الوفد بعد إعادة هيكلته، قائلا "الوفد يمر بمرحلة هامة فى تاريخه منذ تولى الدكتور السيد البدوى الرئاسة فى مايو الماضى، تمثل فى انضمام العديد من الاقتصاديين ورجال الأعمال للحزب، لكن على البدوى والقائمين على الوفد العمل بجدية على انضمام كتيبة المثقفين وأصحاب الرؤى والأفكار إلى الوفد لكى يكون منافسا حقيقيا للحزب الوطنى".
وتطرق نقيب الصحفيين فى حواره إلى أزمة القمح التى تشهدها مصر حاليا، مشيرا إلى أن سبب هذه الأزمة يرجع إلى أن تقديرات وزارة الزراعة لمنتجات المحاصيل الزراعية دائما لا تتطابق مع المنتج الفعلى لتلك المحاصيل، قائلا: كل عام تحدث أزمة بين التقديرات الرقمية والمنتج النهائى، إلى جانب ما أسماه بالسياسات الانتهازية لوزارة الزراعة، حيث تحدد الوزارة أسعارا غير مناسبة للمحاصيل وفقا للأسعار العالمية، مما أدى إلى تذبذب الأسعار وفقد المواطن المصرى الثقة فى المنتج المحلى، وأضاف أنه كانت هناك إستراتيجية مصرية لرفع حجم الاكتفاء إلى 70%، إلا أن أدوات تطبيق هذه الإستراتيجية مفقودة، فلا توجد سياسات واضحة لتحقيق ذلك .
وقال مكرم إن وزير الزراعة السابق يوسف والى كانت له سياسة زراعية جيدة، واصفا إياه بـ"أبو الزراعة المصرية الحديثة"، مستندا إلى أنه ساعد مراكز البحوث فى أبحاثها لزيادة الإنتاج وحقق إعجازا فى زيادة إنتاج القمح والقطن معا على عكس ما يحدث حاليا من تخفيض ميزانية هذه المراكز، مما أدى إلى قلة المنتجات الزراعية وأصبحت مصر تعيش بمنطق يوم بيوم، مؤكدا أن خطورة ذلك هو أن الغذاء سلعة تزداد ندرة، والأزمة الغذائية سوف تتكرر خلال العامين المقبلين، خاصة فى ظل تحول مصر إلى استيراد 70% من منتجاتها قائلا "للأسف من لا يملك قوته، لا يملك قراره!
كما هاجم مكرم سياسة الاحتكار الموجودة فى معظم السلع الأساسية، والتلاعب بقوانين السوق والتى لا تتفق مع العرض والطلب مما أدى إلى قتل المنافسة عمداً، مؤكدا أن أضعف الحلقات فى السوق المصرى هو المستهلك الذى لا يجد من يدافع عنه، فجمعية حماية المستهلك لا تعمل، وأضاف للأسف وزارة الضمان الاجتماعى لا تمارس دورها فى الرقابة وتقدم أعذارا واهية عن سوء المنتج، مشيرا إلى أن عدم حماية المستهلك فى النظام الرأسمالى يعنى هدم المجتمع، هذا إلى جانب عدم توازن الدخول مع الأسعار فالظروف كلها تتضافر ضد المستهلك المصرى الأضعف، لذلك لن تتغير طبيعة المجتمع المصرى، وسيزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا، ولا أمل فى أن تنتعش الطبقة الوسطى، مشيدا بأداء بعض المسئولين فى الحكومة أبرزهم وزير الطيران الذى حول مطار القاهرة بعد أن كان جراجا إلى مطار دولى وتم تحديث كافة المطارات مصر .
كما لم يخلو الحوار من التطرق إلى القضية الفلسطينية التى قال عنها الكاتب الكبير إنها تشهد أزمة خطيرة فى الصراع بين حركتى فتح وحماس وانفصال غزة عن رام الله والقدس، مع استغلال إسرائيل لهذا الصراع لصالحها، فى إشارة إلى أن إسرائيل تسعى دائما إلى إلحاق الضرر بمصر.
وأعرب مكرم عن رفضه تضامن تيار المعارضة فى مصر لانفصال غزة وحركة حماس، داعيا إلى ضرورة وحدة الصف الفلسطينى، وحول الدور الإيرانى فى المنطقة قال إنها تسعى إلى أن يكون جميع الدول العربية رهائن لقرارها، وتسعى لدور قطرى وأساسى فى المنطقة، مشيرا إلى ضرورة التعاون المصرى الإيرانى، وأن تتغاضى مصر عن الأزمات السابقة مهما اختلفت لمصالح بينهما؛ لأن إيران ليست خطرا حالا على العرب مقارنة بإسرائيل التى تهدد استقرار الشرق الأوسط كله.
واعتبر مكرم أن كلا من إيران وإسرائيل يمثلان خطرا على مصر لكن خطر الثانية أكبر فى التأثير والتوجه من الأولى. وحول تصنيع مصر لقنبلة ذرية قال مكرم إنه قد فات الأوان على مصر أن تصنع قنبلة نووية، فالعالم محكوم بضوابط وقوانين تمنع تصنيع القنبلة عدا إسرائيل الخارجة عن القانون بتواطؤ أمريكى واضح