احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: القاهرة تنكشف لحظة الإفطار الأربعاء 25 أغسطس 2010 - 13:42 | |
| [img] https://alomah.yoo7.com/[/img] دعيت على الإفطار منذ أيام في حي مدينة نصر بالقاهرة. لاحظت أثناء ذهابي قبيل المغرب مشاهدات كاشفة لأحوال كثيرة في القاهرة. الملاحظة الأولى: أكثر الناس يقودون سياراتهم قبيل المغرب بطريقة طائشة تماما، سرعة جنونية ولا مراعاة إطلاقا لقواعد المرور. والسبب في ذلك أن أكثر قائدي السيارات – خاصة من الشباب – لم يتعلموا قيادة السيارات على أصولها، ولا دراية عندهم بقواعد المرور. رخصة القيادة كثيرا ما يحصل عليها الشباب بدون امتحان، والامتحان نفسه بسيط جدا. كل من يقود سيارة في الطريق العام، إنما يقود أداة للقتل، إن لم يحسن استعمالها. الملاحظة الثانية: قبيل المغرب، ترى سيارات عديدة توزع بعض الأطعمة على عساكر المرور، وهي لفتة جميلة من بعض الصائمين. لكن المنظر في الحقيقة مؤلم، لأن عسكري المرور هو صورة الدولة في الشارع، وينبغي أن تبقى له هيبته التي تعكس هيبة الدولة. بعض العساكر رأيتهم يركضون ويزاحمون بعض المتسولين على السيارات التي توزع طعاما. منظر مؤلم ومخجل، برغم أننا نعرف أن هؤلاء العساكر مساكين ويحتاجون المساعدة، ولكن هذا المشهد وهم بزيهم الرسمي يكشف حقائق مؤلمة. ولا أدري لماذا لا تقوم إدارات المرور بتوزيع عبوات طعام على هؤلاء العساكر في أماكنهم قبل المغرب احتراما لهم وصيانة لهم من المسألة وهم صائمون. الملاحظة الثالثة: رأيت حول كل صندوق لجمع القمامة أكواما من القمامة والمخلفات حجمها أضعاف ما بداخل الصندوق. قذارة وروائح كريهة. هذا المنظر في الشوراع الرئيسية، وهذه الأكوام أمام العمارات الأنيقة وتحف بها السيارات الفخمة. إن الحكومة التي تفشل في القضاء على مشكلة جمع القمامة برغم الجدل الدائر حولها في الإعلام منذ أكثر من عامين، حكومة فاشلة مهما كان عندها من تفسيرات وتبريرات لبقاء أكوام القمامة بهذه الصورة، وفي حي مدينة نصر الذي يقطنه كثير من المسئولين. ولنا أن نتصور الوضع في الأحياء الشعبية، وفي سائر المحافظات. الملاحظة الرابعة: صليت المغرب في مسجد في الطريق. دخلت مع أذان المغرب ووجدت بعض المصلين قد أتوا بتمر وبعض المشروبات ليفطر عليها الناس، ورأيت الشباب يسارعون لكل داخل للمسجد يناولونه التمر والعصائر. بعد الصلاة تعرفت على شاب أفريقي من النيجر يدرس بالأزهر وأدهشني قوله "مصر هذه جنة". سألته: جنة ؟!. فقال بأسى: لو رأيت بلادي لعرفت أن مصر جنة. انظر هنا مهما كان الإنسان فقيرا، سيجد طوال رمضان ما يأكله وبسهولة تامة. في بلادنا قحط ومجاعات، وطعام أسرة هنا ربما يكفي قرية كاملة في بلادي. انظر هنا تقريبا كل المساجد مكيفة، وفي بلادي ربما تجد في بلدة كاملة لا يوجد في أي مسجد منها مروحة واحدة. في مصر النعم فائضة في كل مكان .. مصر هذه جنة. الملاحظة الخامسة: بعد صلاة المغرب واصلت طريقي لبيت الصديق الذي ينتظرنا على الإفطار. بعد المغرب الشوارع أصبحت مهجورة. بقايا المتسولين يلملمون أطفالهم وغنائمهم. بعض عساكر المرور جلسوا على الرصيف يتناولون إفطارهم. ضجيج وصخب القاهرة اختفى فجأة. كلمات الشاب الأفريقي ظلت تتردد في ذهني. عند وصولي لمكان الدعوة كنت قد فقدت كل رغبة في الطعام.
| |
|