خطاب الرئيس حسني مبارك للأمتين العربية والمصرية أظهر الفارق الكبير بين رجل الدولة المدرك لمسئولية القيادة وبين مرتزقة الفضائيات وتجار الدم والذين يسارعون للشجب بينما هم أول من يطبع مع إسرائيل ويروج لها ويتاجر معها.. عظمة مصر ومكانتها انعكست في جمل قصيرة وبليغة قالها الرئيس مبارك وهي انه رغم الظرف العربي الراهن فسوف تظل مصر راعية لقضايا أمتها ومدافعة عن مصالحها وتحفظ الهوية العربية والشأن العربي من محاولة الاختراق.
قدرنا الا نلتفت إلي صغار آلوا علي أنفسهم المزايدة وإتيان صغائر الأمور.. مصر القوية المؤثرة والقادرة آلت علي نفسها تكريس وقتها وجهدها لصالح قضية العرب الأولي.. القضية الفلسطينية قضية أمن قومي عربي وليس للفرس شأن بها من قريب أو بعيد.
تعثر السلام وابتعاده حينا واقترابه أحيانا أخري. لا يعني أن نولي أمرنا شرار الناس.. قوتنا في اتحادنا وليس في التشرذم.. الباحثون عن أضواء الفضائيات وتصفيق الشارع العربي افتوا في قمة الدوحة أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.. موافقون.. ولكن افحصوا بنادقكم ومدافعكم خشية أن يكون قد اعتلاها الصدأ من طول تركها في المخازن!
الفرق بين مصروسوريا ليس في أن الأولي حررت أرضها والثانية مازالت تنتظر فرج إسرائيل. ولكن الاختلاف الجوهري ان الأجندة المصرية تركز علي مصلحة الشعب الفلسطيني الصامد.. أما سوريا وشيعتها فيستأجرون فصائل يؤوونهم ويطلبون ثمناً لايوائهم.. سوريا للأسف أصبحت شقة مفروشة في عمارة صاحبها إيراني.. وهي تؤجر غرفة في الشقة ل "حماس".. صاحب العمارة الإيراني يرفض ان يأخذ ايجاراً من السوريين مقابل أن يكونوا هم والفلسطينيون ورقة في يد الملف النووي الإيراني.. والسوريون لا يأخذون ايجارا نظير الغرفة التي يستأجرها الفلسطينيون مقابل أن يهللوا ضد مصر في "الفضائيات" ويهاجموا قراراتها ويفردوا عضلاتهم علي الدول التي وقعت اتفاق سلام مع إسرائيل وتحتفظ بعلاقات دبلوماسية معها.
الرسالة الثالثة التي أبلغها الرئيس مبارك لمحور الممانعة والكلام الإنشائي هي اننا لم نحاول قط إملاء مواقف معينة علي الفلسطينيين.. مصر تختلف عن المزايدين لأنها تفعل وتنجز.. والآخرون يتحدثون فقط وما أسهلها من مهمة.. بئس به من دور تلعبه دمشق وطهران وهو الاستيلاء علي القرار السياسي الفلسطيني.
في عز أوقات الأزمة. لم تفرض مصر شروطاً علي عرفات وهو يفاوض في كامب ديفيد.. لم تقبل مصر رغم صلتها القوية بكلينتون آنذاك أن يوقع عرفات اتفاق سلام تضيع بموجبه القدس ولها مكانتها الباسقة في قلوب المسلمين.. هذا هو الفارق الرئيسي بين مصر وأي دولة أخري تتصور انها تملك الحل. بينما لا يقبع في حوزتها سوي الوهم.
من ثم فإن مصر تتحمل العناء والمصاعب وما تنوء بحمله الجبال لأنها من أولي العزم.. تتعامل مع واقع تملك مفاتيحه وتحفظ خرائطه وفي خزائنها أسرار ومواثيق ومستندات لا تشتريها أموال.. مكانة مصر من القضية الفلسطينية لا تباع ولا تشتري لأن ما بيننا رباط دم وليس كابلا تليفزيونيا فضائيا يستخدمه الأقزام ليتشنجوا ويتاجروا بالدماء..
الرئيس مبارك في بيانه الذي ألقاه أمس كان يعطي دروساً للجميع من أمريكا وإسرائيل إلي من يطلقون علي أنفسهم محور الممانعة..قال الرئيس بحسم وحزم إننا لن نقبل تواجداً أجنبياً لمراقبين علي أرضنا.. هذا خط أحمر لا نسمح بتجاوزه.. الرئيس يرد علي من قالوا إن هناك اتفاقاً أمنياً بين تل أبيب وواشنطن يستلزم وجود قوات دولية علي الحدود المصرية.. مصر لاتقبل املاءات من أحد.. القاهرة ليست دمشق الراضخة لإيران.. مبارك لا يأبه بأي خلاف مع واشنطن إذا كان الأمر يتعلق بكرامة مصر وسيادتها.. أكثر من مرة رفض الرئيس مبارك عروضا أو طلبات أمريكية.. وفي النهاية يهمني القول إن مصر أكبر من أن تحضر اجتماعات تكتفي ببيانات الإدانة والمزايدة وتبادل الاتهامات.. مصر لن تكون ابداً طرفاً في معادلة شق الصف العربي أو المتاجرة بالدماء الفلسطينية.
* كم كان الرئيس عظيماً وهو يقول رحم الله شهداء غزة.. وحمي الشعب الفلسطيني.. كلام يصدر من قلب زعيم مسئول عن الأمة العربية.. قارن كلام الرئيس بكلام مشعل الذي استهتر بشعبه وادعي ان ما مر بهم أمر عابر! إذا كان قادة حماس لايهمهم الفلسطينيون حتي لو ماتوا جميعاً. فهناك من يهتم ويحمي ويرعي ويدافع.. ونحمد الله أنه مازال في العالم العربي زعيم كبير مسموع الكلمة ويحترم جميع قادة العالم رأيه هو الرئيس مبارك
الرئيسية 
البوابة* 
الأحد 18 يناير 2009 - 8:02