احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: احمد شعلان يكتب:الرقابة والسلطة والشعب السبت 20 نوفمبر 2010 - 23:50 | |
| [img] https://alomah.yoo7.com/[/img] هناك جدليات كثيرة بعضها لا يزال يقبع تحت سلطة البحث والتمحيص، وجلها بات عرضة للجدليات الانسانية التي فطرت على الخلاف، خلاف لا من أجل الصراع والغاء الآخر، وانما من أجل الحوار واثبات الآخر، والتكامل في الرؤى من باب اضربوا الرأي بالرأي يخرج منه الصواب. ومن هذه الجدليات القائمة والمهمة هي جدل السلطة والحريات والشعب، اذ ان من مهام السلطة أو الحكم ان صح التعبير، هو توفير الامن وتنظيم المجتمع وتقديم الخدمات له التي تذلل العقبات الحياتية أمامه وفق وجهة أخلاقية وقيمية ومنهجية مدروسة تأخذ بالحسبان مقومات قيام الفرد والمجتمع من حيث الحقوق والواجبات أو ما يسمى بالمواطنة الصالحة. الا أن الجدل يقع في مدى حدود صلاحية هذه السلطة في موضوع الحريات، فهل يحق لها أن تسلب الحريات أو تضع العراقيل للحريات السياسية والاجتماعية والحقوقية بحجة مخالفة القانون؟ ومن هذا التساؤل أيضا يمكن أن نخرج بتساؤل آخر، وهو من أين استمدت هذه القوانين شرعيتها لتكون معيارا ومرجعية لتحديد الحريات أو سلبها؟ بالطبع هي جدليات يفترض أن تخضع لمعايير في الضبط والتوجيه، تستمد المعايير شرعيتها من القيم الأخلاقية والغايات التي يفترض أن يتوجه اليها الانسان لتحقيق ذاته وفقها بعيدا عن الاستمزاجات والاهواء والمصالح الشخصية التي كثيرا ما تتضارب بين فرد وفرد. وكما أن الاسلام وضع معايير كثيرة لصفات الحاكم والسلطة، كذلك وضع تشريعات تضمن عدم الفساد أو الافساد سواء من الحاكم اتجاه الشعب أم من الشعب اتجاه الحاكم، فمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق معايير وضعها الفقه الاسلامي، هو مبدأ رقابي على الأصعدة كافة، وليس فقط على المستوى الفردي، وأهم صعيد هو صعيد السلطة والشعب، حيث تتولى السلطة ممارسة هذا الدور وفق مرجعية قيمية وأخلاقية تلزم الشعب الزاما أخلاقيا وليس قهريا، ويتولى الشعب ممارسة أيضا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من باب رقابة السلطة، ومنع انحرافها عن هذه المعايير، وبذلك تكون للشعب حاكمية مرجعيته فيها الاسس والمبادئ الأخلاقية، وهنا تصبح قضية الحريات وحفظها عملية متبادلة بين الطرفين، أي السلطة والشعب، ومنضبطة وفق معايير تخدم المصلحة العامة وتسهل للسلطة القيام بأدوارها ووظيفتها اتجاه شعبها وتأدية واجباتها، وللشعب القدرة على الرقابة ومنع انحراف السلطة، الا ان هذه الوظيفة - أي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر - للأسف تحولت من وسيلة بناءة في حياة الانسان على الأصعدة كافة، الى سلطة غايتها التحكم بالناس وكبح حرياتهم الشخصية، والتفتيش من خلالها على عقائدهم، لتعطل هذه الوسيلة بطريقة أضرت بكلا الطرفين، السلطة والشعب.
| |
|