احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: لا تبتذلوا كلمة الثورة والعصيان المدني بقلم/احمد شعلان الثلاثاء 18 يناير 2011 - 10:02 | |
| مثلي مثل كل المصريين الذين بكت عيونهم وقلوبهم وهم يتابعون لحظات ملحمة التحرر التي خطها الشعب التونسى منذ أيام، مثل كل المصريين الذين تساءلوا لماذا لم تتغير مصر؟ ولماذا استغرق دعاة التغيير فيها وقتا طويلا بينما قامت الثورة الشعبية في تونس خلال أيام وأسفرت عن إسقاط النظام السياسي وخلع الديكتاتور ''بينوشيه'' العرب بن على زين العابدين. احتدمت هذه التساؤلات في عقلي واستيقظت صباحًا لأجد موجة من التعبئة الإلكترونية عبر الـ ''فيس بوك'' تدعو لعصيان مدنى خلال 10 أيام ودعوة أخرى بحصار مجلس الشعب والوزارات ودعوة ثالثة بحصار قصر الرئاسة ومازالت حتى الآن تتوالى الدعوات نتيجة التأثر العاطفى الجياش بما حدث في تونس. أتفهم تلك الدعوات، فقد رأينا كثيرا مثلها قبل ذلك عقب احداث 6 ابريل 2008 وقد صارت مثل هذه الدعوات سهلة للغاية ولا تحتاج إلا إلى صفحة على الـ ''فيس بوك'' وحساب على الـ ''تويتر'' وعمل عدة تصميمات ملهمة تدعو للإحتشاد والمشاركة في مثل هذا اليوم التاريخي الذي سيغير وجه العالم. أعتقد أن كثيرًا ممن يلوكون بألسنتهم كلمة عصيان مدني لا يعرفون مضمون ومعنى هذه الكلمة وإلا ما كانوا دعوا إليها بهذه الأريحية من خلف الشاشات وأزرار الكيبورد، سيبدأ كثيرون ممن يقرأون كلماتي هذه الأن بالهجوم العنيف وإتهامي بإحباط الآمال وإتهامى أنني مثل النخبة التى لم تفعل شيئا سوى التنظير وربما تصل الاتهامات إلى أننى أحد عقبات التغيير في مصر أنا وكل من كتب في هذا الاتجاه من محللين وسياسيين. إن عملية التعبئة الشعبية تختلف تمامًا عن التعبئة الإلكترونية التي يدخل فيها ألاف الأفراد للمشاركة في ''إيفنت'' ولا ينزل منهم للشارع نسبة تذكر أو حتى يمكن مقارنتها بالنسبة الإجمالية التي شاركت ولعله من المهم أن أشير إلى بحث قامت به أحد الباحثات بالجامعة الأمريكية حول نسب المشاركة الفعلية التي تتم مقارنة بالمشاركة الإلكترونية والتي كانت نتيجتها مفجعة حيث لم تتجاوز 5. 0% في أحسن الأحوال. إن عملية التعبئة الشعبية تحتاج إلى جهد حقيقى واحتكاك بالشارع مباشر وعمل توعية لكسر حاجز الخوف الذي يعيق أغلب المصريين عن الحركة، فالنوايا الحسنة والحماس لا يكفى لصناعة التغيير وخطاب الحناجر الذي أدمنته المعارضة المصرية منذ سنين وزاد من حدته النيوميديا وبعض الصحف لم يغير مصر ومازالت المعارضة تبذل جهدها لحشد 500 فرد في أكبر مظاهراتها والواقع القريب يشهد بذلك وهم نفس النشطاء الموجودون منذ حراك 2004 بل إن أعدادهم تقل ولا تزيد. إما الحديث عن الشعب والمزايدة عليه فهي أمر يدعو للعجب والغضب ، إن هذا الشعب الذي يتكلم البعض باسمه وهو لم ينزل اليه يوما ولم يشاركه همومه اليومية ولم يعرف ما هو سلم أولوياته واهتماماته ، إن تخيل إن كل الشعب جاهزة للتحرك والتضحية من اجل التغيير هو وهم لا يبرره أي منطق ، هذا الشعب بعيدا تماما عن نخبته، أن المتحمسين لمثل هذه الدعوات عليهم أن ينزلوا لهذا الشعب وسيجدونه في الأوتوبيسات المزدحمة وعلى عربيات الفول وفى القطارات المتهالكة وعلى المقاهي الشعبية وعندما سيأخذون رأيه ويسمعون منه سيعلمون حقيقة الواقع. إن هذا المقال ليس دعوة للإحباط وغرس اليأس في النفوس ولكنه دعوة لإنضاج الفكرة وترشيد الجهود نستطيع أن نصنع ما هو نواة للعصيان المدني والتحرك الشعبي الشامل إذ قررنا أن نقرأ الواقع جيدا وتعاملنا في حدود إمكانياتنا وقدراتنا ونستطيع أن نجعل من أنفسنا أضحوكة للنظام وهو يرى معنا يوم الدعوة للعصيان المدني والثورة قد مر يومًا عاديًا مثل كل الأيام وتم فيه قمع بعض عشرات الأشخاص ليزداد الشعب خوفا على خوفه وهو يرى أن يد النظام الباطشة تستطيع سحق كل شيء، بالله عليكم لا تفسدوا الوهج والأمل الذي بعثته فينا ملحمة تونس، لا تتعاملوا مع الأمر بهذه العاطفية والسطحية المدمرة، اجعلوه يوما نبنى عليه وننطلق منه لاستكمال خطوات أخرى تقربنا إلى الحلم، إن ما حدث في تونس تجربة أحيت الأمل في قلوب المصريين فلا تقتلوا هذا الأمل تعالوا نحيى نقاباتنا المهنية التي قتلها النظام ليتحرك المحامون والأطباء والمدرسون كما تحركوا في تونس، تعالوا نتواصل مع قيادات العمال الحقيقية ليكونوا معنا في مسيرة التغيير والحرية كما فعلوا فى تونس، تعالوا ننزل للناس في أسواقهم التي يعانون من غلاء أسعارها، تعالوا نلتحم بالناس فى مناطقهم العشوائية، تعالوا ننزل للناس فى العزب والكفور والقرى، ولنبتعد عن سلالم النقابات وميدان التحرير وأضواء كاميرات وسط البلد ولنذهب إلى حيث ينبغى أن نكون وإلى حيث يجب أن نبدأ، من وسط هذه الجماهير المتألمة التي أتقنت لغة الصمت، فلنذهب إليهم ونساعدهم على البوح، ولنجعلهم يصرخون معنا ويقولون كفى، يجب أن تتغير مصر، إن غاندى قد جاب أرض الهند كلها ليحقق العصيان المدني فليكن كل منا غاندى ولنضع فى أذهاننا أن هدفنا هو تثوير هذا الشعب والأخذ بيده ليطالب بحقوقه، بعيدا عن أي انتماءات سياسية وبعيدا عن أي رايات أيدلوجية دعونا نجعله يوما من أجل مصر، فلتنطلق قوافلنا لتوقظ المصريين وتلتحم بهم التحاما حقيقيا يُنهى الصورة السلبية الموجودة عند هؤلاء البسطاء عن النخبة وشباب الـ ''فيس بوك'' المتعلمين الجالسين فى الحجرات المكيفة، دعونا نثبت أننا نستطيع وأننا ندرك وأننا نفعل ما يجب علينا من خطوات، أن تكرر مثل هذه الأيام بكثافة عددية سيصنع التراكم الحقيقى وسيؤهلنا لكي نصل لليوم الذي نقف فيه جميعا في ميدان التحرير نحتفل بانتصار الإرادة الشعبية مثلما احتفل الشعب التونسي، أما البداية من المكان الخطأ فلن توصلنا لشيء، سيبقى الشعب المصري دومًا نابضًا بالأمل والقدرة والتحدي وسيثبت يوما قريبا للجميع أنه يستحق الحرية والكرامة، يوم الحرية ليس بعيدا بل هو قريب قريب إن مضينا إليه.. عاشت مصر بالمصريين وللمصريين . | |
|