صوت يعلو في مصر فوق الحديث الدائر عن توتر العلاقة بين عنصري الأمة الأقباط والمسلمين والتي انتقلت أصداؤها في عدة أحياء مختلفة بالقاهرة والمحافظات.
حيث تواترت أنباء مؤسفة عن وقوع اشتباكات بين المسلمين والمسيحيين بمنطقة منشية ناصر والمقطم مما أوقع نحو 120 قتيلا ومصابا من الطرفين.
وجاءت أحداث العنف هذه في أعقاب نشوب صراع بقرية أطفيح على خلفية علاقة عاطفية بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة مما أوقع قتيلين من المسلمين واحتراق كنيسة الشهيدين.
|
| |
| متظاهرون أقباط في ماسبيرو | | |
ولعل هذه هي المرة الأولى الذي تتصاعد فيه حدة العنف بين الجانبين على هذا النحو غير المسبوق، الأمر الذي دفع لانفلات مشاعر الغضب بين عشرات الآلاف من الأقباط الذين احتشدوا أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري بماسبيرو منذ أكثر من أربعة أيام.
ورغم تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة على لسان المشير حسين طنطاوي بإعادة بناء الكنيسة في نفس مكانها وتطوير دار خدمات ووحدة علاجية أخرى بالقرية على أعلى مستوى من التجهيزات.
إلا أن هذا كله على ما يبدو لم يكن كافيا لإشفاء نفوس الأقباط وتهدئتهم.
|
| |
| مشاعر غضب بين المسلمين والمسيحيين | | |
فراح آلاف آخرون منهم يقطعون عدة طرق رئيسية من بينها الطريق الدائري وميدان عبد المنعم رياض وكوبري 6 أكتوبر الذي يعتبر شريانا مروريا حيويا بأجسادهم ومنعوا عبور السيارات كتعبير عن حالة الغضب التي تعتريهم جراء هذه التطورات الدامية.
ولم تنج المحافظات من شظايا المشهد الطائفي تلك، حيث دارت عدة مناوشات في محافظات أسيوط والمنيا وغيرها وجميعها يرتبط بعنوان واحد هو أن أطرافها مسلمون ومسيحيون.
السمة الغالبة لهذه الأحداث، التي نثق أنها ستنتهي بإذن الله على خير، أنها سرقة فرحة المصريين بالثورة المقدسة التي انطلقت في الخامس والعشرين من يناير بسواعد ودماء المسيحيين والمسلمين، كما أنها منعت كافة الأحاديث عن إنجازات تلك الثورة والآمال والطموحات المرجوة من ورائها.
|
| |
| مصر تحتاج إلى وقفة وطنية | | |
ومع انتقال شبح الاحتقان الطائفي تلك من منطقة إلى أخرى ثارت مخاوف عديدة من نيلها من ملحمة الوحدة الوطنية التي تلف عنصري الأمة دائما وتجعل إرادة العيش في سلام وأخوة تسمو فوق أي مشاعر غضب أخرى تحركها أصابع قذرة تتربص بأمن بلادنا النواصي وتخطط لإفشال ثورة المصريين بل وتنتقم منهم بصورة إجرامية.
وبين هذه المشاهد القاتمة كثر الحديث عن مطالبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد بحكمة وروية ووطنية لا ينازعه فيها أحد إلى ضرورة عدم الحرج من اتخاذ خطوة يبدو التفكير فيها الآن منطقيا أكثر من أي وقت مضى ألا وهي فرض الأحكام العرفية.
|
| |
| جانب من تظاهرات المسيحيين | | |
فمن المعروف في أي بلد في العالم أنه عقب اندلاع الثورات تمر الأوطان بحالة سيولة أمنية ربما تصل أحيانا إلى حد الانفلات يحاول خلالها المجرمون والمتآمرون على الثورة النيل من مكاسبها بل وتحطيمها بثورة مضادة تعيد للأذهان شبح الأنظمة الاستبدادية الفاسدة.
وترى وجهات النظر المؤيدة لتلك المطالب أن إعلان فرض الأحكام العرفية سيتيح للسلطات الحاكمة إمساك زمام الأمور على نحو أفضل.
كما أن فرضها سيردع البلطجية والخارجين على القانون ومثيري الفتن ويعيدهم إلى جحورهم خائبين خاسئين.
|
| |
| من يعيد مشاعر الوحدة الوطنية | | |
نعم، فرغم قسوة هذه الأحكام، إلا أنها حين تطبق بأيدي أناس وطنيين نثق بهم مثل رجال القوات المسلحة الباسلة فإنها ستكون بمثابة صمام أمان لحفظ الوطن من الدسائس والفتن.
كما أنها ستنطلق بدون أي شك على خلفية العهد الجديد الذي تشهده مصر وتستلهم الروح الرائعة التي أفرزها ميدان التحرير حين ردد الملايين "الجيش والشعب إيد واحدة".
وبالتالي لن يخاف من فرض هذه الأحكام إلا المجرمون أعاذنا الله وإياكم شرورها وحفظ بلدنا الأمين مصر من كل سوء.
|
| |
| أين روح التحرير من هذه الأحداث المؤسفة؟ | | |
والله تعالى ندعو أن يعيد إلينا وحدتنا ويقذف في قلوبنا حب الآخر والتعايش معه في سلم ومودة، ويا رب نصلي سويا مسلمين وأقباط كما صلينا من قبل في ميدان التحرير التي ما أحوجنا لاستعادة روحها الآن.