موضوع: نداء عاجل لشباب الثورة السبت 9 أبريل 2011 - 23:02
نداء عاجل لشباب الثورة
يا شباب الثورة، يا من أيقظتم شُعلتها، وقُدتم مسيرتها.. نحو هدف مُحدد وواضح يوم 25 يناير، هو إسقاط النظام، والمطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، خرجتم.. لأنكم شبعتم ظلماً وقهراً.. ورهنتم أرواحكم ثمناً لحرية مصر، واعتصمتم في كل ميادينها بعد أن فاض بكم الكيل، ولم يعد هناك مساحة للصبر.. والتفت مصر كلها حولكم وخلفكم حتى نجحت الثورة، والحمد لله.. سقط رأس النظام وبدء الجسد في التداعي والانهيار.. وجاء وقت البناء.. ثم ماذا أنتم فاعلون !؟. ما سأقوله يندرج تحت بند جلد الذات.. وعلى طريقة ''بيدي لا بيد عمر''.. سأتوكل علي الله وأقول ما في ضميري، فلحظة الحقيقة لا تحتمل المواربة و''الطبطبة''، فعند مفترق الطرق، يكون القرار والمصير.. أزعم عن قناعة شديدة أن الشعب وقع علي توكيل رسمي لشباب 25 يناير، بأن يقوموا بثورتهم ويُسقطوا نظاماً اجتمعت مصر كلها علي أنه فاشل فاسد ومفسد.. ولكن لا أعتقد أن هذا التوكيل امتد لمرحلة بناء النظام الجديد.
ما الذي يعنيه هذا؟.. ببساطة الشعب المصري أعطي لشباب مصر توكيلاً مرتبطاً بمهمة، وهي إسقاط نظام مبارك.. وبس، أما قرار وماذا بعد؟.. فعاد مرة أخري لكل الشعب، بما فيهم الشباب.. والاستفتاء علي التعديلات الدستورية.. عبارة عن درس كان لابد للشعب أن يستوعبه، فأغلب القوي السياسة المؤثرة من أحزاب وحركات وائتلافات بما فيهم شباب الثورة أنفسهم، كانوا من أنصار ''لا''، ولكن الأغلبية، رأت أن تصوت بـ''نعم'' وبصوت عالي بلغ ارتفاعه 77%. وهذا يعني أن هناك أصوات أخري حولنا تختلف معنا في طريقة بناء النظام الجديد، وهم ارتضوا أن يقولوا ''نعم'' وأعطوا توكيل رسمي للجيش لكي يُشرف علي تنفيذ ما صوت عليه بـ ''نعم''، أعرف أن هناك كلام ونقد كثير يُقال هنا، واتفق مع أغلبه، ولكن في نهاية الأمر لا نملك إلا احترام ''نعم'' ومن قالها، ليس فقط لأنهم يحبون مصر مثلنا، ولكن لأنهم الأغلبية.. وعلينا أن نمتثل للقرار النهائي، بل ويجب علينا أن نمتثل له وننفذه.. هكذا هي الديمقراطية.. ولا ايه ؟.
شهرين تقريباً علي رحيل الرئيس السابق مبارك، ومازالت الكثير من مطالب الثورة لم تتحقق، مثل المحاكمات العاجلة لمن قتل شهداء الثورة، أو تسبب في قتلهم، وهي محاكمات يجب أن تتم علي جرائم قتل، وليس مجرد سلب أموال، فالسرقة والاختلاس والفساد المالي أمر هين أمام سرق مستقبل شعب، وزهرة شبابه.. ما زالنا ننتظر فتح جميع ملفات الفساد والمحاسبة، مازلنا ننتظر تطهير كل مكان في مصر لوثه هذا النظام . ورغم أن الواقع يقول أن الكثير من مطالب الثورة لم تتحقق بعد، إلا أنه لا يمكن انكار أن ما تحقق أيضاً حتى الآن كان كثيراً.. تغيير مجلس الوزراء، الذي جاء تقريباً وفقاً لترشيحات شباب الثورة، حل مجلسي الشعب والشوري، اجراء استفتاء علي التعديلات الدستورية، تقديم رموز الفساد الكبيرة للمحاكمة، وضع تصور وتوقيت ''شبه'' واضح للانتقال المدني للسلطة، وتم تغيير رموز التضليل الإعلامي، وتغيير العديد من القيادات في الكثير من المواقع.. كل هذا في أقل من شهرين.. ورغم ذلك فمازال طريق التغيير طويلاً، فلم يدع النظام السابق مكاناً ولا منصباً إلا أفسده !!. ولكن.. هل يعقل أن نتخيل أننا قادرين علي تغيير كل شيء وأي شيء بفرقعة أصبع؟، وحتى لو ملكنا هذه القدرة، هل من الحكمة والمنطق أن نفعل ذلك.. وهل يُعقل أن تشغلنا هذه الأمور - مع أهميتها الشديدة - عن قضايا ''عاجلة'' إما أن نعالجها الآن أو ''باي باي يا ثورة''، مثل الوضع الأمني الذي يزداد تدهوراً ويُنذر بكوارث، والاقتصادي الذي يترنح، والديني الذي يعاني من غياب الوسيطة والاعتدال وما خفي كان أعظم. هل يُعقل أن يشغلنا الانتقام من الجلادين على أن نُضمد جراحنا التي تنزف وتتسع يوما بعد يوم.. هل يُعقل أن يقتسم الضحية العقاب مع الجاني، ونقول له لن نعطيك حقك، ولن نعيد لك أمنك وسلامك وطعامك، حتى نقتص من كل ظالم، أنا لا اقول أن نترك فاسداً.. أو حتى نتمهل.. ولكن الأولويات يا سادة يجب أن تحكمنا الآن، والعقل يجب أن يقول كلمته، فالأهم ثم المهم وهكذا. وبصراحة كدا.. ما الداعي لاعتصام في ميدان التحرير الآن؟، بعد تظاهرة مليونية أكثر من رائعة، أوصلت رسالة قوية، في أن الميدان مازال موجوداً، ومازال يجذب الملايين، فلماذا الدعوة لاعتصام، كانت نهايته دماء، وبغض النظر عن المتسبب، فدماء مصرية سالت في الميدان مرة أخري - ليلة أمس - أعطت رسالة خاطئة للعالم، وللأغلبية الصامتة في مصر، رسالة مفادها أن الأوضاع في مصر مازالت مُضطربة. اسمحوا لي، ان اختلف مع اعتصام الأمس، الذي أراه جاء في غير وقته، وبشكل غير مُنظم، ولم يُستشار فيه رموز من شباب الثورة.. هذا الاعتصام جاء قبله بيوم واحد لقاء بين شباب الثورة ورئيس مجلس الوزراء والمجلس العسكري، وقبله بليلة واحدة اعتقال زكريا عزمي.. اعتقال جاء بعد استدعاء رسمي لجمال مبارك للتحقيق معه، ثم تصريحات لوزير العدل أكد فيها أن مبارك مواطن سيُحاكم مثل أي مواطن.. ثم قرار بأن يشارك 5 من شباب الثورة في قرارات مجلس الوزراء.. نعم حدث هذا يوم الخميس !!. كلمة أخيرة: الوقت مازال فيه متسع، لكي نصوب مسار الثورة، ونحميها من مصير كارثي، مازالت أمامنا الفرصة لكي ننظم صفوفنا، ونعود لصوت العقل والضغط بالمظاهرات والمفاوضات.. وعليكم أن تسألوا انفسكم.. هل يرضي أغلب الشارع عن ما فعلتموه؟، فشرعية وقوة أي ثورة تُستمد في أنها تعبر عن الناس، أغلب الناس.. انزلوا وتعرفوا علي نبض الشارع المصري الآن وما يقولونه عنكم. ولا تنسوا انني اتفق معكم أن كل ما تحقق ليس كافياً، ونحتاج المزيد والمزيد، ولكن كيف ومتي ومن؟.. كل الدلائل حولنا تؤكد أن هناك تحرك، حتى لو كان بطيء، ولكنه في الاتجاه الصحيح.. فلماذا نرمي بآخر كارت في أيدينا ونعتصم !!.. فهل هذا هو وقت الاعتصام في ميدان التحرير، أم وقت الاعتصام بحبل الله ونبذ الفرقة والفردية؟!!. ملحوظة: الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة رأي موقع مصراوي