عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
موضوع: من هو عريس مصر القادم بقلم/احمد شعلان الأحد 1 أبريل 2012 - 13:21
تبدو مصر الآن كمطلقة حسناء خلعت نفسها من زوجها الفاسد الذي تزوجها في لحظة مضطربة دون موافقة منها.. نهب هذا الزوج المتكبر حليها وذهبها وثروتها، وأهانها، وعذَّبها، واغتصبها طوال 30 عامًا، أفقرها، وأمرضها، وقزَّمها، ولم يكتفِ بذلك، بل دَبَّر لتزويجها من ابنه. تقدم الإسلامبولى والزمر منذ زمن للزواج منها، ودفعوا مهرًا دمويًا غاليًا، ولكن العروس أرعبها منهجهم الذي قادها للوقوع في براثن المخلوع.. حلمت في تلك السنوات المظلمة بعمرو موسى، ولكنه لم يتحرك لفكِّ أغلالها، ولم يجرؤ حتى على إعلان التقدم لخطبتها.. ولأن مصر تشبه حوريات الجنة، فهي دائمة الشباب والجمال والبكارة.. أعادت اكتشاف ذاتها، ونفضت عن نفسها تراب 30 عامًا من الاستغلال والقهر في 25 يناير. البرادعي وقف بجانبها، ونادى بتطليقها من مغتصبها، وتقدم لها بشجاعة، فحاصرته حملة تشويه موسعة.. انسحب عندما شعر أنه سيكون جزء من مؤامرة تحاك لاختطافها بشكل قانوني.. حاول أيمن نور، فناله ما ناله.. أبو الفتوح وحمدين قدَّما للعروس مهرًا من سنوات النضال والسجون والتعذيب، ومازالت العروس تفكر. تمت خطبتها على تيار الإسلام السياسي برلمانيًا... لكنها لم توافق على الزواج، وربما تفسخ خطبتها سريعًا؛ بسبب خيبة أمل العروس في أداء وسلوكيات خطيبها، كما أنها لا تنسى السلوك الدموي العنيف لهذا العريس. الأخطر أنه ليلة التنحي تجمعت خفافيش الظلام وذئاب النظام المجروحة، وبدأت تخطط لإعادة تزويج العروس الفاتنة إلى واحد من أبناء النظام القديم. هال الذئاب هذا الوهج الثوري المتدفق، وهذه الملايين التي توحدت، وانصهرت في الميادين لتحرير الملكة الجميلة من اللصوص، فكان من الحتمي إرسال مبارك إلى مكان ما لفترة حتى تهدأ الأمور، وإذا لم يحدث فليحاكم على مهل..حتى تخمد هذه العاصفة الثورية. الخطة تتكون من 4 كلمات "الترويع، والتفتيت، والتخوين، والاستمالة" "ترويع" الناس بالانفلات الأمني، وشغلهم بأزمات مفتعلة كنقص الرغيف، والغاز، والمواصلات، وربط أي حادث إجرامي بالثورة والثوار. "تفتيت" الكتلة التي زلزلت النظام إلى معسكرات متناقضة "دولة دينية – دولة مدنية"، "مسلمين – مسيحيين"، و"مؤمنين وعلمانيين"، و"أهلاوية وبورسعيدية"، ثم إيقاع بعض طوائف المجتمع مثل المحامين والقضاة، وسحب الشرطة، ووضع الجيش في مواجهة الشعب، ورفع أجور بعض الفئات المطالبة بتحسين أوضاعها دون غيرها، ما يبقي الاحتقان مشتعلًا، وترتيب عدة "مواقع جمل" في كل فترة كمذبحة بورسعيد. "تخوين" الرموز الوطنية والثوار، وحديث المؤامرة الخارجية والداخلية، ففزاعة الإفلاس الاقتصادي، ثم تشجيع الاعتصامات والإضرابات الفئوية، والاندساس بين الثوار، وخلط الأوراق، وتشويه الحقائق، وإشعال كل أنواع الحرائق في المجتمع، والتشكيك في هيئات المجتمع المدني؛ ما يضفي إثارة على سيناريو المؤامرة الخارجية. "استمالة" تيار الإسلام السياسي بالاعتراف بشرعيته، والإفراج الفوري عن رموزه المسجونين، وبمنحه حق تكوين الأحزاب السياسية "الدينية"، وتمكينه من الفوز بالبرلمان، وتشكيل الحكومة مقابل عدم التقدم بمرشح للرئاسة، ودعم المرشح التآمري. وهكذا أُنهِكت القوى السياسية الثورية، وتفرقت، وتشتت إلى عشرات الائتلافات، بل واصطدمت ببعضها البعض... أعد النظام السابق أكثر من عريس "غير محتمل" لخداع العروس، سيقوم تيار الإسلام السياسي بدعمه، وبهذا المخطط الذي أصبح واضًحا حتى للأطفال، يمكن تزويج العروس الحسناء لـ"مبارك رقم 2".. الذي لن يكون سوى رئيس ديكوري تحكم من خلاله مؤسسة النظام القديم، ولحظتها ستتم محاصرة كل من قام وشارك وساند الثورة، والتخلص منهم بالقانون، وباسم الشعب. الكارثة الحقيقية هي أن خُطَّاب مصر الكُثُر لم يكونوا ناضجين بما يكفي، ولم يكونوا مستعدين ماديًا وتنظيميًا، وكان أكثرهم جاهزية هو تيار الإسلام السياسي، فكانت تلك الخطوبة البرلمانية.ولكن لأن مصر حورية متجددة الشباب والجمال والبكارة أتصور أنها بحسها وقوتها ستصنع معجزة أخرى، وستفسخ خطبتها، أو في أسوأ تقدير ستكون زيجتها قصيرة جدًا، كما حدث في العراق عندما منح الشعب صوته لتيار الإسلام السياسي، وعندما خيَّب ظنه أسقطه في الانتخابات التالية. رغم أن مصر الجميلة تزوجت دائمًا بطريقة تقليدية إلا أنها أحبَّت من أزواجها مينا، وأحمس، وتحتمس، ورمسيس الثاني، ومحمد علي، وعبد الناصر.. كلٌّ منهم أعطاها وأعطته، وحانت لحظة أن تختار بكامل إرادتها للمرة الأولى في تاريخها. "الأميرة" لا تنتظر انتخابات الرئاسة القادمة، فهي تستشعر أن شيئًا كريهًا يُدبَّر في الخفاء، ومما يزيد شكوكها شروط وقواعد الانتخابات من مادة "لا طعن"، إلى حق تصويت الناخب في أي لجنة انتخابية؛ ما يفتح أكبر الأبواب للتزوير، كما أن قبول الطعن على شرعية البرلمان معناه طعن على شرعية الدستور بسبب نسبة الـ 50% من أعضاء البرلمان التي ستشارك في صياغة الدستور. الأميرة تنتظر فقط أولادها الذين قدَّمُوا لها أغلى مهر؛ أرواحهم وعيونهم ودمائهم وحريتهم في ثورة 25 يناير لكي تتحرر.. العروس الغالية تنتظر هؤلاء الشباب النقي البكر لينضج أكثر، ويُنظِّم صفوفه، ويتوحد. ساعتها سيكون هذا هو الفرح الحقيقي، والزواج السعيد من الرجل الذي أحبها