مذبحة طرة بين الأمس واليوم
إن
الأحداث تتدافع والأيام تتلاحق ويدفع الناس بعضهم بعضا ليتنسموا عبير
الحرية التي حكم عليها قانون الطوارئ بالفناء وألقاها النظام في سلة
المهملات.
لقد مرت أحداث جسيمة على هذه الأمة وقد تركت في النفوس
الأحزان والأشجان، فنراها وقيدت حريات مئات الشباب من الإخوان ومن باقي
طوائف الشعب وزج بهم في غياهب السجون ليتجرعوا الظلم وليسكنوا الظلمات لا
لشيء إلا أنهم شبابا ينشدون الحرية لوطنهم الأسير ويريدون دفع ظلم النظام
عن أنفسهم. لقد هجم النظام في مصر على طوائف الشعب المختلفة بالعصي
والهراوات ووطأت أقدامهم أجساد الأبرياء وزجوا بنضرة شباب المجتمع خلف
القضبان وانتهكت الحرمات ولم يفرقوا بين مريض وصحيح بل كانت الأحكام جاهزة
ومعدة والاتهام قد سبق إعداده وبعد كل مرة وأخرى يموت فيها أحد الإخوة يكتب
لفظ يجدد هارب.
ما التهمة؟ وما الجريمة؟ … إنهم وقفوا ضد النظام
إن
الحقيقة التاريخية لتلك الحقبة وصلت بالشعب المصري وبالأمة العربية
والإسلامية إلى ذروة المأساة، وهي الحقبة التي تمثلت في حكم عبد الناصر
لمصر، ولم يكتب عنها الكثير, وما زالت الوثائق لا يعرف مكانها ولم يفرج عن
الكثير منها، وهي لا تزال ضائعة… لكن مهما طال الانتظار فسوف تتمزق الأستار
وترى الأجيال القادمة حقيقة القوى التي كانت تمسك بخيوط الدمى التي صنعتها
بيديها، وقدمتها كأبطال أسطوريين؛ ليعلبوا الأدوار التي رسمت لهم حتى ولو
كان في ذلك ضياع أوطانهم، واستذلال شعوبهم.
لقد ذكرتنا هذه الحوادث بما
حدث في خمسينات هذا القرن عندما قامت جحافل الشرطة العسكرية باقتحام منازل
الأبرياء وساقتهم إلى المصير المجهول وغيبوا وراء السجون بهدف الحفاظ على
أمن وراحة النظام وحكم علي بعضهم بالإعدام وآخرين بالأشغال الشاقة المؤبدة،
ولم يكتف نظام عبدالناصر بذلك فبعد حادثة المنشية قام عبد الناصر بمذبحة
ضد بعض العلماء أمثال الشيخ محمد فرغلي والقاضي عبدالقادر عودة والأستاذ
إبراهيم الطيب ويوسف طلعت وهنداوي دوير ليرسخ لنفسه مقاليد الحكم, وبعد أن
استتب به الحال بعد عدوان 1956م أراد أن يغير الملكية إلى جمهورية في الدول
المجاورة، فدعم انقلابًا ضد الملك حسين ملك الأردن غير أنه اكتشف، وساعد
على اكتشافه إخوان الأردن، فتولد لدى عبدالناصر رغبة في الانتقام من إخوان
مصر, فرتب مع بطانته القيام بمذبحة ضد العزل من الإخوان داخل المعتقلات،
وخطط لذلك وحشد قواته لتصفية الإخوان في كل معتقل، وكانت البداية في سجن
ليمان طرة.
فجرد لهم القوات واعد الخطط واستورد السلاح وقامت القوات
بغزو سجن طرة واقتحمت العنابر على المعتقلين المعذبين وأطلقوا عليهم الرصاص
وأجهزت عليهم بالعصي فمات واحد وعشرون من الإخوان وهم في زهرة شبابهم وجرح
واحد وعشرون، هذا غير من أصابهم الجنون، ولم يكتف قادة سجن طرة بهذه
المذبحة التي ارتكبها النظام في حق مجموعة من الإخوان العزل يوم 1 يونيو
1957 م ودفع فيه الشباب ثمن تمسكهم بشريعة الله والتصدي لمخططات الغرب.
يقول
الأستاذ جابر رزق: “لقد أقيمت المذبحة في أول يونيو 1957م لمائة وثمانين
من الإخوان المسلمين، هم الذين بقوا في سجن ليمان طرة بعد ترحيل إخوانهم
إلى سجن المحاريق وبنى سويف وأسيوط وغيرها من السجون.
لقد بلغ الطاغية
عبدالناصر ورجال حكمه من الخسة واللاإنسانية أن أطلقوا الرصاص على المائة
والثمانين من المسجونين داخل الزنازين وهم عزل لا يملكون ما يدافعون به عن
أنفسهم ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج: 8]، فقد استشهد فيها كلاًّ من أنور مصطفى
أحمد، والسيد علي محمد، ومحمود شعبان، وأحمد حامد قرقر، ومحمود عبد الجواد
العطار، وإبراهيم أبو الدهب، ورزق حسن إسماعيل وغيرهم، واستطاع عبد الناصر
أن يحيط المذبحة بجدار من الصمت والتكتيم حتى لا يعرف الشعب المصري شيئًا
عن المذبحة”.
ويقول الشهيد محمد يوسف هواش –وهو أحذ الذين شاهدوا
المذبحة: لقد سبقت المذبحة عدة مقدمات؛ ففي يوم الأربعاء 22/5 منعت صلاة
العصر بصورة غاية في الاستفزاز، ويوم الخميس 23/5 منع لعب الكرة الذي كان
مرخصًا به، ويوم الجمعة ظلت الزنازين مغلقة حتى صلاة الجمعة، ويوم السبت
حدثت مشادة بين الضابط عبد العال سلومة وثلاثة من الإخوان بغير داع، ويوم
الأحد 26/5 قال سلومة مهددًا: “فيه أوامر عالية بجر الإخوان لمعركة
نِخَلَّص فيها على ثلاثين.. أربعين”، وأخذ الضابط عبد الله ماهر يحتك
بالإخوان بغير مناسبة ويحاول استفزازهم بكل طريقة، ويوم 29/5 شرح الإخوان
لمدير السجن ما يحدث لهم، ويوم 30/5 منعت الزيارات، ويوم 1/6 حدثت
المذبحة”.
يقول الأستاذ جودة شعبان –الشاهد الحي: كنا في ليمان طرة ما
يقرب من 180 من الإخوان، وكان أكبر عدد منهم في الليمان من إخوان شبرا،
وكانت زياراتهم هي يوم مشهود؛ فقد كان عدد الحضور في اليوم المخصص لهم
كبير, وفي أواخر مايو شعرنا بأن ضباط السجن يقومون بعمليات استفزازية ضد
الإخوان، خاصة الضابط عبد العال سلومة وعبد الله ماهر، فأخذنا نتواصى
بالصبر وضبط النفس وحكمة التصرف أمام كل ما نتعرض له من معاملة المسئولين
في الليمان، خاصة الضباط الذين كشفت الأحداث عن مدى حقدهم وكراهيتهم
للإخوان أمثال عبد العال سلومة وعبد الله ماهر وعبد اللطيف رشدي، وكانت
الأحكام للإخوان الموجودين في الليمان تتراوح بين العشر سنوات والخمس
وعشرين سنة، وكنا نطلع الجبل مثل بقية المساجين، وكانت لنا طريحة لابد من
أن ننجزها، وكان من بين وسائل الضغط النفسي علينا في الليمان عملية التفتيش
المستمر، وكانت تتم بصورة مستفزة، وكادت هذه المذبحة تحدث في فبراير 1956 م
لكن مدير السجن كان حكيمًا فحال دون ذلك، مما دفع زكريا محيي الدين وزير
الداخلية آنذاك أن يقوم بنقله عقابًا له على ذلك، وجاء بمأمور آخر هو السيد
والي والذي كان شديد الحنق على الإخوان المسلمين.
وقبل يوم المذبحة
جاءت زيارة لمجموعة إخوان شبرا، وكانت من أكبر الزيارات، وكنت واحدًا من
المطلوبين للزيارة، وقد جاء أهالينا ببعض الطعام، وكان من ضمن الذين أخذوا
طعامًا الأخ عبد الغفار السيد، وفجأة ظهر الضابط عبد الله ماهر ودفع الأخ
مما أوقعه في صورة مستفزة، ولم يقتصر على ذلك بل قام بضرب أم أحد الإخوان
ثم أنهى الزيارة، وسارع إلى الإدارة وقال: إن الإخوان اعتدوا عليه، وكأن
الأمر مبيت، فانتفضت الإدارة لتنفذ ما اتفق عليه مع السادة من قبل، وجاءوا
وقالوا: من أخذ شيئًا فليركن على جنب، فخرجت ومعي بعض الإخوة، فأمر بأخذنا
إلى عنبر التأديب، وساقوا أهلنا إلى قسم المعادي مرفق معهم مذكرة يقولون
فيها: إنهم أدخلوا ممنوعات للسجن، وكان من ضمنهم والد الأخ حسن علي حسن
فقال لوكيل النيابة: إننا لم ندخل ممنوعات لكنه كان طعامًا، والأمر أننا
إخوان مسلمين فأفرج عنهم، وبعد أن أدخلونا عنبر التأديب لم ندر بما يحدث في
الخارج، وعشنا في لحظات كلها تعذيب وتكدير, لكننا كنا قبل الحادث قد رأينا
أنهم أعادوا مرضى الإخوان الموجدين في المستشفى، وشعرنا بأن شيئًا يدبر
لنا فقررنا الامتناع عن الخروج للجبل حتى لا نُضرب بالرصاص بحجة أننا
حاولنا الهروب، وكتبنا مذكرة نطلب فيها التحقيق معنا، ولنعرض عليهم أن
حياتنا في خطر، وكنا ما زلنا في عنبر التأديب، وثاني يوم من الزيارة سمعنا
صوت رصاص منهمر وصرخات الإخوان من كل مكان، وبعد فترة صَمَت صوت الرصاص
وجاءت النيابة وسمعت منا وأدانت إدارة السجن لكنها تغيرت، وفي الليلة
الرابعة بعد المذبحة أخرجونا إلى سجن القناطر الخيرية وبقينا فيه ثلاثة
أشهر في تعذيب وتكدير، وعلمنا أن المذبحة أسفرت عن مقتل واحد وعشرين من
الإخوان وأصيب مثلهم.
وقد نقل معنا عبد العال سلومة إلى سجن القناطر
الذي أذاق الإخوان أشد أنواع العذاب البدني والنفسي، حتى إن ستة من إخواننا
فقدوا عقولهم أثناء وجودنا في سجن القناطر.
إن التاريخ يسجل والذكريات
لا تمحى وسيشهد هذا السجن على ظلم الظالمين ويشكو إلى الله رب العالمين هذا
الظلم العظيم ويتبرأ إلى الله مما يفعله فيه هؤلاء الظالمين.
إن التاريخ سيشهد على كل حاكم ظلم نفسه وشعبه، ولن يرحم منهم أحد وستظل مذابح النظام لكل مطالب بالحرية والإصلاح.
وياتى
بعد ذلك ما فاصل اخر من التنكيل بالاخوان وذوقهم اصناف من العذاب الى فاق
حد الوصف وقد امتلئ المكاتب ودور النشر بشهادات الكثير والكثير من الاخوان
الذين لاقوا العذاب بالسجون فى عهد عبدالناصر وكانت هناك فصول اخرى تنتظ
الاخوان الا وهو تنظيم 1965 بقادة الاستاذ سيد قطب .
بدأت الاعتقالات في
شهر يوليو 1965 بالأستاذ محمد قطب ومجموعات من الإخوان الذين سبق الحكم
عليهم سنة 1954 وأفرج عنهم وعن غيرهم ، وأودعوا سجن القلعة الرهيب بإشراف
المباحث العامة من الاعتقالات والتعذيب بالقلعة وبطريقة عشوائية للبحث عن
شيء وشمل الاعتقال كذلك الشهيد سيد قطب بعد ذلك الذي اعتقل يوم 9 أغسطس
1965 باعتباره أحد المفرج عنهم في قضايا 1954 و 1955 وأودع معهم بسجن
القلعة .
ثم شمل الاعتقال كذلك غيرهم وأودعوا بسجن أبي زعبل ، ومعتقل
الفيوم دون أي سبب كذلك . ولم يودع أي أحد من الإخوان بالسجن الحربي بل
أودعوا سجن القلعة ، ولكن كانت هناك قضية حسين توفيق وقضية مصطفي أمين
وغيرها من القضايا التابعة للمباحث الجنائية العسكرية . وكان ضمن المقبوض
عليهم في قضية حسين توفيق شخص يدعي سامي عبد القادر ويعرف الأخ يوسف القرش
من الإخوان ، وأثناء تعذيبه اعترف علي يوسف القرش وقال إن عنده قنبلتين
يدويتين ، وعند ذهابهم للقبض علي يوسف القرش في قريته سنفا بمحافظة
الدقهلية لم يجدوه وقيل لهم إنه عند صديقه بالقاهرة حبيب عثمان ، وتم القبض
علي حبيب عثمان و يوسف القرش في القاهرة .
وتحت التعذيب الشديد لحبيب
عثمان ولمدة 15 يومًا اعترف علي أعضاء أسرته ، واختفي النقيب ولم يتم القبض
عليه ، وانقطع الخيط ، وكان هذا النقيب هو الأخ مصطفى الخضيرى ، يرحمه
الله . وكان الشهيد عبد الفتاح إسماعيل مطلوب اعتقاله ضمن من اعتقلوا عام
1954 ، فلم يجدوه في قريته ، فذهبوا إلي أخيه الشيخ علي إسماعيل – رحمه
الله – ليسألوا عليه فلم يجدوه فاعتقلوا الشيخ علي كرهينة وسألوه مع
التعذيب عن معارفه فدلهم علي المهندس فاروق الصاوي ، وأفرجوا عنه . وعلموا
بصلة الشيخ عبد الفتاح إسماعيل بالشيخ محمد عبد المقصود العزب واعتقلوا
صهره الشيخ عبد الفتاح فايد المقيم بالمطرية بالقاهرة فعذبوه عذابًا شديدًا
اعترف بعدها علي بعض الشباب الذين يعرفهم الشيخ عبد الفتاح منهم ثلاثة
بكلية الطب وواحد بكلية التجارة وهو محمود فخري فاعترف علي بعض الإخوان
منهم محمد عواد أول شهيد عام 1965 في السجن الحربي ، وكان عنده مصطفي
الخضيرى (المحامي) الذي استطاع الهرب وكان هو نقيب أسرة حبيب عثمان الهارب .
وتحت
التعذيب لمحمود فخري دلهم علي شقة مرسي مصطفي مرسي ( باحث بالمركز القومي
للبحوث) ، وعملوا فيها كمينًا علي القادمين للشقة التي كانت في إمبابة
بمحافظة الجيزة . ومن القادمين للشقة والذين اعتقلوا عند طرق الباب الشهيد
عبد الفتاح إسماعيل و مبارك عبد العظيم عياد و علي عشماوي وحملوهم إلي
السجن الحربي وكان ذلك يوم 20 أغسطس 1965 . وحتى ذلك الوقت لم تتضح صورة
التنظيم لهم ، وكانت الصورة أمامهم مجرد معارف ولقاءات ، ولكن علي عشماوي
اعترف لهم اعترافات مذهلة بعد التعذيب المبدئي تمت علي أثرها حملة
الاعتقالات الواسعة لأعضاء التنظيم وبعض معارفهم ، وأصدقائهم وأي إنسان له
صلة بأي شخص بالتنظيم ، وشملت الاعتقالات جميع الإخوان علي مستوي الجمهورية
من واقع ملفات المباحث العامة من عام 1948 حتى عام 1965 .
وتعدي الأمر
غير الإخوان من الأنشطة والاتجاهات الإسلامية الأخرى مثل حزب التحرير
الإسلامي ، جماعة التبليغ ، أنصار السنة المحمدية ، الجمعية الشرعية ،
وغيرهم ، بل أي إنسان له اتجاه إسلامي ولا هوية له في أي مكان ، بل وصل
الأمر لاعتقال أي ملتح أو أي شخص عليه أمارات الإسلام . وشملت الاعتقالات
الرجال ، الشباب ، النساء ، وعائلات بأسرها مثل عائلة الهضيبي وعائلة سيد
قطب وغيرهم . بل شملت بعض أهالي القرى حتى لم تترك إخوانًا أو غيرهم وشملت
أهل القرية جميعًا مثل قرية كرداسة بالجيزة التي حوصرت بالمدافع والمدرعات
والجنود وأقيمت بها المتاريس .
ويلاحظ أن اكتشاف التنظيم يتم بمهارتهم ،
ولكن قدر الله ، ولعل في ذلك حكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه ، ويلاحظ أن
الاعتقالات بدأت قبل اكتشاف التنظيم بما لا يزيد علي شهر ، وكانت تقوم
بعملية الاعتقال المباحث العامة ، ويتم إيداع المعتقلين في السجون
والمعتقلات المدنية ، أما الذي يقوم باعتقال أعضاء التنظيم بعد اكتشافه فهم
المباحث الجنائية العسكرية ويتم التعذيب والإيداع بالسجن الحربي . ولكي
نعطي فكرة مبسطة عن الإجراءات العجيبة والوسائل الشيطانية التي قام بها
رجال المباحث العسكرية بإشراف شمس بدران بقيادة أسياده ممن ظهر منهم علي
المسرح أو من كان وراء الستار يحرك خيوط الدمى ، سوف نعطي فكرة سريعة عما
تم بواسطة المباحث العسكرية بدءًا من شهر أغسطس 1965 وحتى حرب 1967 .
الاعتقال :
من
المعلوم في العصر الحديث أن الدول التي تحترم نفسها وتحافظ علي كرامة
شعبها وتحترم إنسانيته تقوم بوضع النظم والقواعد المنظمة لإجراءات الضبط
والاعتقال والتحقيق والمحاكمات ثم ضمانات الحكم وتنفيذه . فلا يؤخذ الناس
بالظن ولا يعتقلون أو يحتجزون إلا بموجب تهمة نص عليها القانون وأن المتهم
برئ حتى تثبت إدانته ، ولابد من استصدار أمر سابق من النيابة بالقبض علي
المتهم وحقه في طلب محام لحضور التحقيق ، وحقه في الامتناع عن الإجابة وعدم
ممارسة أي ضغوط عليه ولو معنوية .
أما إذا كانت دولة كمصر يحكمها طاغية
مثل جمال عبد الناصر ولا تحترم نفسها ولا تحافظ علي كرامة شعبها وتهدر
إنسانيته فلا قيمة لهذه النظم والقوانين حتى مع وجودها علي الورق ، مادام
يحكمها قانون الغاب ودكتاتورية الحاكم وتنفيذ سياسة العبيد إرضاء لنزوات
الحاكم وشهوته المتسلطة . ولا يظن أحد أن الاعتقال بمعناه التقليدي هو أن
يكون بأمر مسبق من النيابة العامة من احترام حقوق المتهم والضمانات اللازمة
لشخصه وسلامته والتي أصبحت من المسلمات في الدول المعاصرة . فالاعتقال في
عرف عبد الناصر وزبانيته هو دخول منزل المطلوب اعتقاله في ساعة متأخرة بعد
منتصف الليل والانتشار في أرجاء البيت شاهرين مسدساتهم وبنادقهم ورشاشاتهم
ودخول الحجرات علي النساء والأطفال ، ثم التفتيش وقلب المنزل رأسًا علي عقب
، وحمل ما يحلوا لهم خاصة المواد الخطرة والتي في مقدمتها الكتب الإسلامية
وأي مخطوطات خاصة مثل الخطابات وغيرها ، ولا بأس عندهم من حمل نقود أو ذهب
أو أي أشياء ثمينة وغاليًا ما تذهب في جيوب زبانية الليل ولا تدون في
الأمانات ، وقد حدث ذلك كثيرًا .
وإذا كان المطلوب القبض عليه غير موجود
بالمنزل فلابد من أخذ رهينة بدلاً منه لحين القبض عليه أو تسليم نفسه ،
وغالبًا ما تكون زوجته ، أو أمه ، أو أخته ، أو أسرته جميعًا وأقاربه ،
والويل ثم الويل إذا رفض الأهل ذلك . وبعد ذلك تؤخذ الضحية (المعتقل) إلي
مصيره المجهول دون السماح لها بحمل أي شيء معها كالملبوسات أو غيرها ،
ويصطحبونه إلي ذلك العالم المجهول ، إلي السجن الحربي وما أدراك ما السجن
الحربي ، أو إلي أي سجن آخر وما أكثر السجون والمعتقلات في مصر بدءًا من
يوليو 1952 ونذكر مثالاً صارخًا لطريقة الاعتقال ، وقد فاقت الاعتقالات
احيانا حد الوصف مثل حادثة كرداسة وكمشيش .
وصدرت الاحكام :
في
صباح يوم 21/9/1966 توجه المتهمون في القضية الأولي لسماع النطق بالأحكام
في نفس مبني المحكمة ، بمبني قيادة الثورة بالجزيرة ، وبعد عمل الترتيبات
اللازمة في مبني القاعة تم استدعاء المتهمين واحدًا واحد إلي حجرة أخري
لسماع الحكم ، ثم التوجه به إلي السيارة ، وكانت الأحكام للمتهمين السبعة
الأول حسب ترتيب ادعاء الاتهام كما يلي :
1 – سيد قطب إبراهيم .. الإعدام شنقًا
2 – محمد يوسف هواش .. الإعدام شنقا
3 – عبد الفتاح عبده إسماعيل .. الإعدام شنقا
4 – علي عبده عشماوي .. الإعدام شنقا
5 – أحمد عبد المجيد عبد السميع .. الإعدام شنقا
6 – صبري عرفة الكومي .. الإعدام شنقا
7 – مجدي عبد العزيز متولي .. الإعدام شنقا
وباقي
القضية أحكام متفاوتة 25 أشغال شاقة مؤبدة وعلي 11 شخصًا أشغال شاقة بين
10 و 15 سنة . وعند ركوب السبعة السيارة كان باديًا علي الجميع الشكر
والرضا خاصة الأستاذ سيد الذي كانت السعادة بادية علي كل تقاسيم وجهه ،
باستثناء علي عشماوي الذي كان ملحوظًا عليه الانهيار والاضطراب الشديدان . و
لما جلس الجميع في السيارة ، سأل أحد الضباط أحدنا عن الحكم ، فأجابه بأنه
الإعدام ، فقال له الشهيد سيد : لا تقل لهم إعدام بل قل شهادة في سبيل
الله ، دعهم يسمعون ما يكرهون .
وأخذ الضباط بمختلف الرتب في ساحة
المكان يتحركون ويرتبون الجنود ، ويلقون التعليمات تلو التعليمات ، وكأنهم
يستعدون لمعركة حربية ، حتى سمع صوت أحدهم بجوار السيارة يعطي التعليمات
لضابط أقل منه رتبة يصف له خط السير ، عن طريق صلاح سالم ، فقال الشهيد سيد
: صلاح سالم أين هو صلاح سالم الآن ؟ وأين فاروق ؟ إن هؤلاء الناس لا
يعتبرون …..
ثم سكت برهة وقال : الحمد لله – قالها بملء فيه – الحمد لله
…شهادة في سبيل الله …. إن الله سبحانه وتعالي أراد أن يعطينا الجزاء ،
ولكن الجزاء أكبر بكثير مما نستحق …. شهادة في سبيل الله – ثم سكت برهة
وقال – غداً نلقي الأحبة محمداً وصحبه ، وأضاف ذكر حديث رسول الله صلي الله
عليه وسلم :
“أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلي تلك القناديل”
وتكلم
الشهيد عبد الفتاح إسماعيل ….. راجياً من الجميع أن يشفع كل منهم للآخر
عملاً بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم أن للشهيد أن يشفع لأربعين من
أهله ، أما علي عشماوي فكان بادياً عليه الانهيار التام .
ثم أعيد
الجميع للسجن الحربي ، السبعة المذكورون في السجن 3 انفرادي ، أي كل واحد
منهم يعيش منفرداً عن الآخرين , وبعد حوالي ساعة أخذوا الأستاذ سيد للعيادة
الطبية كما كان نظراً لظروفه الصحية .
أما باقي أفراد القضية فقد
انضموا إلي باقي الإخوان في السجن الكبير رقم واحد واستمر الحال علي هذا
المنوال حتى صباح يوم27/9/1966 ، حيث حضر أهالي المحكوم عليهم السبعة
لزيارتهم بعد إخطارهم بالموعد بواسطة المباحث . وفهم الأقارب و المحكوم
عليهم أنها الزيارة الأخيرة التي تسبق تنفيذ الحكم أي زيارة الوداع للأهل
أو بتعبير أدق وداع الدنيا للقاء وجه الله تعالي . ولقد نشرت الصحف في
اليوم التالي الموافق 22/أغسطس/ 1966 الأحكام الصادرة من المحكمة بعناوين
مثيرة ، وبعد عرض أسماء السبعة المحكوم عليهم بالإعدام ومسئوليتهم في
القيادة – السابق ذكرهم – قالت : ” ….. وأعلنت المحكمة قرارها بعد التصديق
عليه استنادًا إلي ما ثبت خلال المحاكمة من أن :
1 – كل المتهمين في
القضية حاولوا تغيير دستور وشكل الحكومة فيها بالقوة ، بأن ألفوا بينهم –
وآخرون – معهم – تجمعًا حركيًا وتنظيمًا مسلحًا لحزب الإخوان المسلمين
المنحل بهدف تغيير نظام الحكم القائم باغتيال رئيس الجمهورية والقائمين علي
الحكم وتخريب المنشآت العامة وإثارة الفتنة ، وتزودوا في سبيل ذلك بالمال
اللازم وأحرزوا مفرقعات وأسلحة وذخائر ، وقاموا بتدريب أعضاء التنظيم علي
استعمال تلك الأسلحة والمفرقعات ، وحددوا أشخاص المسئولين الذين كانوا
سيجري اغتيالهم ، وعاينوا محطات توليد الكهرباء والمنشآت العامة التي سيتم
تخريبها ورسموا طريقة التنفيذ ، وتهيئوا للتنفيذ فعلاً ، وعينوا الأفراد
الذين كانوا سيقومون به ، وأن عملية الضبط هي فقط التي حاولت دون إتمام
المؤامرة .
2 – السبعة المتهمون الأول هم الذين كانوا يتزعمون التنظيم
كله ، ويقودون حركته ولهذا فقد حكمت المحكمة عليهم ، طبقًا لنص المادة 87
عقوبات التي تقضي الإعدام علي كل من ألف عصابة مسلحة لقلب نظام الحكم
بالقوة أو تزعمها ، أو تولي فيها القيادة .
وحكمت – علي 25 – منهم ثلاثة
هاربون صدرت الأحكام عليهم غيابًا بالأشغال الشاقة المؤبدة طبقًا لأدوارهم
الفرعية في قيادة التنظيم التي تلي دور مجلس القيادة مجتمعًا ، وهم عبد
المجيد الشاذلي ، مبارك عبد العظيم ، فاروق المنشاوي ، فايز إسماعيل ،
ممدوح الديرى ، محمد أحمد عبد الرحمن ، محمد عبد المعطي إبراهيم ، محمد
المأمون زكريا ، أحمد عبد الحليم السروجي ، السيد سعد الدين شريف ، إمام
عبد اللطيف غيث ، كمال عبد العزيز سلام ، فؤاد حسن علي ، محمد أحمد البحيري
، حمدي حسن صالح ، مصطفى الخضيري ، السيد نزيلي عوضية ، مرسي مصطفي مرسي ،
حلمي صادق حتحوت ، عبد المنعم عرفات ، محمد عبد الفتاح شريف ، السيدة زينب
الغزالي الجبيلي : التي دعت للتنظيم وعملت علي تجميعه وأمنت له اجتماعاته
حتى تم تشكيله .
الهاربون : محيي الدين هلالي ، عشماوي سليمان ، مصطفى
العالم . وحكمت علي الباقين كل طبقًا لدوره في قيادة التنظيم الذي يجيء في
الترتيب بعد دور مجلس القيادة ودور القواد الفرعيين :
عباس السيسي .. أشغال شاقة 15 سنة
محمد عبد المنعم شاهين .. أشغال شاقة 15 سنة
محمد بديع سامي .. أشغال شاقة 15 سنة
جلال بكري ديساوي .. أشغال شاقة 15 سنة
صلاح محمد خليفة .. أشغال شاقة 15 سنة
إلهام عبد المجيد بدوي .. أشغال شاقة 15 سنة
محمد عبد المعطي عبد الرحيم .. أشغال شاقة 15 سنة
محمود أحمد فخري .. أشغال شاقة 10 سنة
محمود عزت إبراهيم .. أشغال شاقة 10 سنة
صلاح محمد عبد الحق .. أشغال شاقة 10 سنة
والأشغال
الشاقة لمدة 10 سنوات علي حميدة قطب شقيقة سيد قطب ورسوله إلي التنظيم
ورسول التنظيم إليه طوال فترة الاتصال التي تمت به وهو في السجن وحاملي
الأوامر بتعيين نائبة وبدء الضربة الشاملة عندما أعطي إشارة تنفيذ المؤامرة
ثم سافر إلي رأس البر . كذلك قامت المحكمة بمصادرة كل المضبوطات المتعلقة
بالجريمة وكانت المحكمة المشكلة من اللواء / أحمد وحيد الدين حلمي عضو
اليسار في الدائرة الأولي نائبًا عن رئيسها ، الرائد / عز الدين رياض نائب
الأحكام والأستاذ حسن جمعة رئيس النيابة المنتدب قد دخلت غرفة الاجتماعات
بجناح نيابة أمن الدولة العليا في مبني مجلس قيادة الثورة القديم في الساعة
العاشرة والربع صباحًا حيث أعلن اللواء أحمد وحيد ” فتح الجلسة لإعلان
الأحكام ” وبعد ذلك نودي علي المتهمين اذلين كانوا في القفص داخل قاعة
الجلسات – ماعدا زينب الغزالي و حميدة قطب فكانت في غرفة المتهمين – فجاء
المتهم الأول وتلا عليه الرائد عز الدين رياض الحكم وانصرف .
وهكذا تم
إعلان جميع المتهمين كل علي حدة وكان نائب الأحكام يقرأ من دوسيه في يده
يضم الأحكام والتوقيع عليها بالتصديق وفي الساعة العاشرة وخمس وأربعين
دقيقة انتهي إعلان الأحكام فأعلن اللواء أحمد حلمي ” قفل الجلسة ” وفي نفس
الوقت الذي كانت تعلن فيه الأحكام كان أمناء سر النيابة يحررون الخطابات
الخاصة لكل منهم والتي تتضمن الحكم عليه ، ثم يسلمونها لرجال الأمن
المرافقين له فيصحبونه إلي السيارة الخاصة .
وفي 22 أغسطس 1966 أصدرت
المحكمة حكمها علي الأستاذ المرشد بثلاث سنوات ، و48 آخرين بين ثلاثة سنوات
وعشر سنوات ، وفي يوم 5 سبتمبر 1966 صدرت الأحكام علي 83 بأحكام متفاوتة ،
منها الشهيد إسماعيل الفيومي و الشهيد محمد عواد بالسجن المؤبد .. رغم
استشهادهما تحت التعذيب ، وادعائهم هروبهما من السجن الحربي ، وبرأت
المحكمة 13 شخصًا . وفي يوم 6 سبتمبر صدرت الأحكام بسجن 112 وتبرئة ثلاثة
فقط ، دليلاً علي العدالة !!؟ وفي يوم 7 سبتمبر صدرت أحكام بالسجن المؤبد
علي ستة أشخاص وبراءة اثنين .
وانتهى هذا الفصل بموت عبدالناصر فبدات
المعاملة تتغير تدريجيا بعد تولى السادات كرسى الرئاسة وكانت اول
مالانفراجاتكانت عام 1971 بالافراج عن الاستاذ المستشار حسن الهضيبى وانتهت
بخروج اخر شخص من المعتقلات عا
1974.
الاخوان والسادات
فى
كتاب بعنوان(بقلم أنور السادات) من تأليف د/ خالد غراب الكتاب صادر عن دار
أطلس للطباعة والنشر ، يتحدث السادات فى هذا الكتاب عن بداية تعارفه
بجماعة الإخوان المسلمين ،يتناول الفصل الرابع من الكتاب سلسلة المقالات
التي كتبها أنور السادات في جريدة الجمهورية ومجلة التحرير عن ثورة 23
يوليو وقصته ورجال الثورة عن تلك الايام، فتكشف تلك المقالات الكثير من
الاسرار عن ثورة 23 يوليو والتي نشرت بعد ذلك في كتاب “صفحات مجهولة من
الثورة المصرية”، وكيف ان أنور السادات كان يلتقي مع الشيخ حسن البنا
المرشد الأول لجماعة الأخوان المسلمين، فيذكر السادات في أحد مقالاته
اللقاء الأول مع الشيخ حسن البنا في احد مقالاته “دخل علينا ونحن جلوس
للعشاء في ليلة مولد النبي جندي من جنود السلاح الفنيين لم يكن موجوداً
بيننا منذ بدء هذه الجلسة وقدم إلينا صديقاً له يلتحف بعباءة حمراء لا تكاد
تظهر منه شيئاً كثيرا.
لم أكن أعرف هذا الرجل إلى ذلك اليوم ولم يثر
دخوله ولا ملبسه اهتمامي ولم يلفت نظري، وكل ما هناك أنني صافحته ورحبت به
ودعوته إلى تناول العشاء معنا فجلس وتناول العشاء، وفرغنا من الطعام ولم
أعرف عن الضيف شيئاً إلا بشاشة في وجهه ورقة في حديثه وتواضعاً في مظهره،
ولكني عرفت بعد ذلك عنه شيئاً كثيراً ،فقد بدأ الرجل بعد العشاء حديثاً
طويلاً عن ذكرى مولد الرسول صلى الله علية وسلم كان هو اللقاء الحقيقي
الأول بيني وبين هذا الرجل وبيني وبين هذه الذكرى ، كان في سمات هذا الرجل
كثير مما يتسم به رجال الدين عباءته ولحيته وتناوله شئون الدين بالحديث
ولكنه بعد ذلك كان يختلف عنهم في كل شئ …. فليس حديثه هو وعظ المتدينين،
ليس الكلام المرتب ولا العبارات المنمقة ولا الحشو الكثير ولا الاستشهاد
المطروق ولا التزمت في الفكرة ولا إدعاء العمق ولا ضحالة الهدف ولا الإحالة
إلى التواريخ والسير والأخبار.
كان حديثه شيئاً جديداً كان حديث رجل
يدخل إلى موضوعه من زوايا بسيطة ويتجه إلى هدفه من طريق واضح ويصل إليه
بسهولة أخاذة وكان هذا الرجل هو المرحوم الشيخ حسن البنا مرشد [الإخوان
المسلمن] …)
كما يذكر عبد اللطيف البغدادي فى مذكراته بالجزء الأول منها
فيقول عبد اللطيف البغدادي: أنه عندما تم القبض على أنور السادات وحسن عزت
بعد حادثة سعودي بعدة شهور عندما تعرف الجاسوس الألماني عليهما كما ذكرت
سابقًا، ولم يبق في اللجنة التنفيذية بعد ذلك غير وجيه أباظة وأنا، كما أن
موقف الألمان العسكري في شمال أفريقيا كان قد أصبح حرجًا بعد أن بدأوا في
الانسحاب نهائيًّا من المنطقة تحت ضغط الحلفاء عليهم من الغرب من إتجاه
تونس ومن الشرق من إتجاه مصر، وأصبح بذلك أملنا في الإنتقام من المستعمر
لبلادنا والأخذ بالثأر منه للمهانة التي لحقت بنا يوم 4 فبراير سنة 1942م
بعيد المنال، ولكننا لم نفقد الأمل كلية، وواصلنا العمل من جانبنا داخل
قواتنا الجوية متوخين زيادة المنضمين للتنظيم وربطهم بمبادئنا وأهدافنا،
وقد ساعد في ذلك الأمر انتقالي مدرسًا بكلية الطيران عام 1944م، وقد أتاح
ذلك فرصة الاحتكاك والتعرف على كثير من الشبان الملتحقين بسلاح الطيران،
وساعد على أن تزداد الرابطة بينهم وبيننا، وقد مهد هذا كله لتماسك التنظيم
داخل القوات الجوية مع زيادة عدد المنضمين إليه وأصبحوا وكأنهم فرد واحد
حتى قيام ثورة يوليو 1952م.
واستمرمحمد أنور السادات في الاتصال بجمعية
الإخوان المسلمين رغم أن الغرض الذي كان يجمعنا في البداية قد بعد، وكان
حلقة الاتصال بينهم وبيننا أنور السادات وكان هو المسئول عن الناحية
العسكرية في تنظيمهم، وكنا نوافيهم بمقالات لتنشر في صحيفتهم عن كيفية
إصلاح الجيش والطيران المصري والنقص الذي بهما، وهذا الاتصال الذي استمر
بيننا سيكون له أهميته عندما يعلن النحاس إلغاء معاهدة سنة 1936م، التي
كانت قائمة بين بريطانيا ومصر وذلك سنة 1951م فقد قمنا بتدريب الإخوان
المسلمين عسكريًّا وأمددناهم بالأسلحة والذخيرة التي كان قد أمكن لنا
تهريبها من مخازن الجيش، وعملنا على تشكيل كتائب فدائية منهم تحت قيادة
ضباط من الطيران والجيش بغرض القيام بغارات فدائية على القاعدة البريطانية
في منطقة السويس، كما أنه قد سبق أيضًا وتكونت منهم كتائب فدائية قام
بتدريبها واعدادها ضباط من الجيش قبل ذهابها لمقابلة المنظمات العسكرية
اليهودية في فلسطين في نهاية عام 1947م وكان ذلك بعد قرار هيئة الأمم الخاص
بتقسيم فلسطين بين الفلسطينيين العرب واليهود في نوفمبر سنة 1947م.
وكان
الغضب قد عم العالم العربي بأسره نتيجة هذا القرار المجحف بحق الفلسطينين
وكان قد خص اليهود بنصف مساحة فلسطين وهو الجزء الخصب منها أيضا ، ولمقاومة
هذا التقسيم فقد تكون جيش التحرير العربي للنضال والقتال ضد هذا
التقسيم..)
وفى أوئل سبتمبر سنة 1971 ذكر د/ محمود جامع مدير مستشفى
المبرة بطنطا وهو الرجل الغامض فى كواليس السادات وهو محرك الأحداث الخفى )
…)
أن السادات إجتمع مع قيادات الإخوان المسلمين فى منزلة أكثر من
مرة وكانت هذه الإجتماعات بتوجيهات الرئيس عبد الناصر وإجتمع السادات بكل
من اللواء محمد المدني مساعد أول وزير الداخلية السابق والمستشار محمد
السعدني والدكتور محمد مصطفى عميد كلية الطب سابقاً والأستاذ عبد العزيز
هلالي صحفى بالأخبار والمهندس علي محمد أحمد رئيس الغرفة التجارية والمهندس
فائق أحمد القصراوي والداعية الإسلامى لاشين أبو شنب وتناولوا العشاء معا
وإمتدت جلسة الإجتماع لمدة سبع ساعات نقدا لإتجاهات الدولة نقداً بناءاً
وكانت هذه الإجتماعات تتم دون علم على صبرى رئيس الوزراء وشعراوى جمعة
وزيرالداخلية.
وبعض الإجتماعات كانت مع بعض رجال القضاء المفصولين فى ما
يعرف بمذبحة القضاء الشهيرة وكذلك مع عائلة الفقى فى قضية كمشيش الشهيرة
وعائلة أبو جازية الموضوعين تحت الحراسة.
وإستطرد قائلا : وكانت أمور
الدولة مرتبكة وذلك لتداعى حاله الرئيس عبد الناصر الصحية وسلم عبد الناصر
خاتمه الخاص بالرئاسة للسيد سامي شرف وكان يجتمع بمكتبه يوميا كل من أنور
السادات وعلي صبري وشعراوي جمعة وأمين هويدي وعبد المجيد فريد والفريق محمد
فوزي ، وذلك لأصدار القرارات الخاصة بالدولة دون العرض على عبد الناصر.
وتصادف
أن شعراويى جمعة وزير الداخلية كان فى زيارة عائلية لوجية أباظة بطنطا
وكان منزلة أمام منزل د/ جامع أثناء إجتماع السادات مع الإخوان وكان الرئيس
عبد الناصر فى زيارة السودان فى وقتها فهاج شعراوي جمعة هياجاً شديداً
وقال : كيف أكون وزيراً للداخلية ولا أعلم شيئاً عن تحركات رئيس الدولة.
وما
كان من كلا من وجية أباظة رئيس التنظيم الطليعى ومصطفى الجندي أمين عام
الإتحاد الإشتراكى وشقيق المستشار محمد الجندي النائب العام الأسبق إلا أن
قدموا تقريرا ً بالواقعة لعلي صبري مسئول التنظيم الطليعى قالا فيه : أن
السادات ( لم يكن عضواً بهذا التنظيم ) يحضر بمنزل د/ محمود جامع وهو من
أعداء النظام ويعمل إجتماعات مشبوهه مع شخصيات من أعداءالنظام ) ..)
وأرسل
على صبرى صورة من هذا التقرير للرئيس عبد الناصر وصورة أخرى إلى السفير
السوفيتى بالقاهرة وأخبر السفير الروسى عبد الناصر أن هذه الإجتماعات تسبب
بلبلة فى قيادات التنظيم فأمر عبد الناصر بعدم ذهاب السادات لطنطا وتوقفت
الإجتماعات ، وكان هذا سبب عداء السادات لعلي صبري فقد قبض عليه حينما تولى
الحكم بدعوى التخابر مع الروس. .)
علاقة محمد أنو السادات بالإخوان المسلمين
هناك
العديد من المحاور المتناقضة ما بين قائل بكراهية السادات للإخوان
المسلمين ومابين قائل بمحبتة لهم وما بين قائل بتعاطفة معهم وما بين قائل
بأنه كان واحدا من الإخوان المسلمين فاين هى الحقيقة بالضبط لا ندرى ،
سنطرح كل المحاور وعلينا فى النهاية الإستنتاج:
المحور الأول
المحور
الأول: القائل بكراهية السادات للإخوان المسلمين يتبناه د/خالد غراب فى
كتابه “بقلم أنور السادات” فيتناول فى الفصل الثالث من الكتاب، مقالات أنور
السادات التي كتبها عن جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة الخمسينات من
القرن المنصرم، ويكشف المؤلف من خلال استعراض تلك الجزئية المتعلقة بجماعة
الإخوان المسلمين ان السادات حينما كان يتوجه بالحديث إلى الإخوان المسلمين
أو عنهم كان يستشهد بآلايات القرآنية، ومثال على ذلك ، ذلك المقال الذي
يرد فيه أنور السادات على مزاعم الإخوان المسلمين واتهامهم لرجال الثورة
بأنهم أعداء ، فنجده يكتب على صفحات جريدة الجمهورية حين يطغى الغرض الذاتي
على الهدف النبيل فمن الواجب على كل مسلم أن يجنب المسلمين شر هذه الفتنة ،
وهذا ما فعلناه لا لحماية أنفسنا بل لحماية الدعوة النبيلة والقصد الكريم
بل ولحماية الإخوان المسلمين أنفسهم ممن فرضوا عليهم ” السمع والطاعة ” هذا
هو رأينا فليجادلنا فيه من يؤمن بقوله تعالى : ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة
والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله
وهو اعلم بالمهتدين)…)
كما أورد الباحثون الذين تناولوا هذا الجانب
الأحاديث المصورة للرئيس السابق أنور السادات وهو يهاجم الإخوان المسلمين
خلال عقد إتفاقية كامب ديفيد ، كما أظهروا مقاطع فيديو يهاجم فيها السادات
الإخوان المسلمون ويتهم فكرهم بأنه وبالا عليهم ، وهم يؤكدون بهذة
الفيديوهات فكرتهم القائلة بكراهية السادات للإخوان المسلمين ..)
المحور الثاني
المحور
الثاني: القائل بمحبة السادات للإخوان ما أعلنتة السيدة جيهان السادات حيث
تحدثت عن محبة أنور السادات للإخوان المسلمين ولم يكن كلام السيدة جيهان
السادات حرم الرئيس الراحل محمد أنور السادات ليمر مرور الكرام وقد تعرضت
فيه بشيء من التفصيل حول رأيها في جماعة الاخوان المسلمين وهي المرة الأولى
التي تتحدث فيها سيدة بحجم جيهان السادات التي كانت السيدة الاولى في مصر
طوال فترة حكم زرجها للبلاد عن رأيها في الجماعة.
جاء هذا في حوارها مع
الاعلامي عمرو الليثي في برنامج واحد من الناس والذي اجري معها احتفالا
بذكرى حرب اكتوبر كنت أظن أن اجابة السيدة جيهان السادات على سؤال عمرو
الليثي حول علاقة زوجها بالجماعة ورأيها هي شخصيا فيهم أن تلقي علينا نفس
الاسطوانة المعروفة (جماعة الاخوان جماعة اتخذت من الدين ستارا لها لتحقيق
اغراضها السياسية وانها جماعة محظورة وغير شرعية وغير ذلك من الكلمات التي
تعودنا سماعها ممن كانوا او مازالوا في مواقع اتخاذ القرار والقريبين من
النظام) إلا أن السيدة جيهان قد فاجئتني وفاجئت محاورها والمشاهدين حين
تحدثت عن جماعة الاخوان ، فقد أكدت السيدة الفاضلة أن زوجها كان من المحبين
لجماعة الإخوان المسلمين وأنها كانت هى أيضا من المتحمسين جدا لجماعة
الإخوان المسلمين خاصة من الناحية الدينية والدعوية والاجتماعية وانها في
سن الثانية عشر كانت تجمع اموالا بسيطة من أسرتها واصدقائها وتذهب بها الى
منزل حسن الهضيبي أحد رموز الجماعة والذي كان مجاورا لمنزل اسرتها وتعطيه
هذه الأموال دعما ومساعدة للاعمال التي تقوم بها الجماعة حيث أكدت ان جماعة
الاخوان كانت من اكثر الجماعات تاثيرا في المجتمع واعلت شأن الدين واكدت
على مظاهر التكافل الاجتماعي خلال هذه الفترة.
كما اشارت ايضا في كلامها
الى تلك العلاقة الوثيقة التي جمعت بين الإخوان ورجال الضباط الأحرار
وخاصة عبد الناصر مع عدم تأكيدها أو نفيها لعلاقة زوجها بالجماعة هذا
بالاضافة الى ملاحظتها حول العمل السياسي للإخوان والتي رأت انه قد قلل من
دور الجماعة المؤثر في المجتمع من الناحية الدينية والاجتماعية.
هذا
الكلام ان كان ليؤكد لنا شيئا فإنما يؤكد لنا على مدى عظمة الهدف والغاية
التي انشئت من اجلها هذه الجماعة وان الكثيرين من الشعب المصري كانوا من
المتفاعلين مع هذه الجماعة نظرا لوسطيتها ومبادئها التي هي من مبادئ
الاسلام الحنيف وكيف أن وجود هذه الجماعة بيننا حتى لو اجتماعيا فقط هو
السبيل الوحيد لإصلاح هذا البلد وازدهاره .)
المحور الثالث
المحور
الثالث: القائل بتعاطف السادات مع الإخوان يتبناه الاستاذ/ محمد حامد أبو
النصر المرشد العام الرابع لجماعة الإخوان المسلمين من تعاطف السادات مع
قضية الإخوان المسلمين وأوامرة للحرس فى المعتقلات بالمعاملة الكريمة معهم
وقرارة بعد ذلك بالإفراج عنهم ،حيث قال الأستاذ المرشد محمد حامد أبو النصر
: ومما يجدر ذكره، أن السادة الضباط كانوا يعاملوننا معاملة طيبة مليئة
بالرأفة والرحمة، منذ أول يوم تولى فية الرئيس محمد أنور السادات مقاليد
الحكم .
على مستوى الجمهورية، ومن ثم كون فريقاً رياضياً للاعبي كرة القدم، وكان جميعة من الإخوان المسلمين.
ثم
يقول الأستاذ المرشد العام الرابع لجماعة الإخوان المسلمين / محمد حامد
أبو النصر: في عام 1970 أمر السادات بالإفراج عنا حيث تم ترحيلنا على دفعات
إلى سجن مزرعة طرة،توطئة للإفراج عنا، وهذا السجن، كانت حجراته واسعة، تسع
أكثر من عشرين سجيناً، وكانت المعاملة لا بأس بها وفي هذا السجن تم لقاء
بين مجموعة من ضباط المخابرات وبين جميع الإخوان المسلمين المسجونين في هذا
السجن، وكان لقاءً أشبه بالحوار المفتوح بين الإخوان، وضباط المباحث، فقد
عرض الإخوان أفكارهم ودافعوا عن دعوتهم وجماعتهم بصراحة ووضوح، ولم يجعلوا
من أسوار السجن حائلاً دون توضيح موقفهم، وشرح رسالتهم من يوم أن أسست
جماعتهم، وأنهم سيظلون حاملين راية الإسلام، ويدافعون عنها، ويحمونها بأكرم
ما يملكون من أعز المهج والأرواح، وكان هذا الوضوح والبيان دون لف أو
دوران محل إعجاب واستغراب ضباط المباحث وغرابتهم وانتهى اللقاء، وبدأ
الإفراج عنا على دفعات بأوامر من السادات الذى كان مقتنعا بقضيتنا ونبل
غايتنا.
هكذا يكون السادات قد أفرج عن جميع كوادر وقيادات الإخوان
المسلمين ، والغريب أن هذا الافراج جاء مع أول عام لتولية الحكم ، مما يؤكد
عند غالبية الباحثين أن السادات كان مقتنعا بقضية الإخوان قبل توليتة
الحكم وهذا الإفراج السريع عن الإخوان المسلمين فى أول عام لتولى محمد أنور
السادات الحكم كان علامة إستفهام كبيرة عند باحثين أخرين.
وهناك رواية
للسادات تؤكد على هذا التعاطف وجأت على لسانه فيما أعلنه السادات شخصيا في
مقاله الذي يحمل عنوان “نحن والإخوان المسلمون” وأعلن بوضوح الرئيس
السادات:أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة سامية الأهداف نبيلة الأعراض!
ويقول
محمد أنور السادات أيضا فى هذا المقال: “ونحن كمسلمين نفهم ديننا على
حقيقته، وندرك حدود تعاليمه، نرى الإسلام مجموعة من الفضائل لا يكمل الدين
الحق إلا بها جميعًا، وتنطوي تحت لواء هذه المجموعة من الفضائل؛ الفدائية
والصدق والاستقامة والوطنية والنأي بالوطن عما يفرق كلمة بنيه، ويعرضه
لنيران الفتن، ولهذا كنا أحرص الناس على بقاء جماعة الإخوان المُسلمين
لاعتقادنا أنها جماعة صالحة تدعو لدين الله ولما رسمه الإسلام من أخلاق
كريمة ترفع شأن المسلمين وتعزز مجدهم وهي نفس المبادئ التي اعتنقناها عن
إيمان ويقين؛ لا لأنها مبادئ الإخوان المسلمين، بل لأنها مبادئ الإسلام
نفسه التي يجب أن يتمسك بها كل مسلم، فإذا جاء اليوم هذا النفر الذي أراد
أن ينحرف بهذه الجماعة الصالحة عن أهدافها الصالحة، وزعم أننا نحارب
الإسلام حين نحاربها، فلن يجدوا من يصدق زعمهم، فنحن لسنا الذين نبيع ديننا
بدنيانا، ونحن لسنا الذين نحرص على جاه أو منصب، بعد أن قدمنا رؤوسنا
وأعناقنا نفتدي بها مصر.
واستطرد السادات في مقاله قائلاً: “إن جماعة
الإخوان المسلمين هي جماعة سامية الأهداف نبيلة الأغراض ولكنها ــ ككل هيئة
أو جماعة ــ تضم بين صفوفها بعض من تنطوي نفوسهم على دخل وليس عجبًا أن
يظهر أمثال هؤلاء في هذه الجماعة الصالحة، فقد ابتلي الإسلام بمثلهم في
مستهل دعوته، وأبتلي الرسول بمثلهم من الموهنين وضعاف العزائم والناكصين
على الأعقاب ومُحبي الجاه والسلطان أمثال أبي سفيان، فليس عجبًا أن بين هذه
الجماعة المؤمنة بعض ضعاف الإيمان أو بعض الساعين إلى الجاه والسلطان وحين
يطغى الغرض الذاتي على الهدف النبيل، فمن الواجب على كل مسلم أن يجنب
المسلمين شر هذه الفتنة وهذا ما فعلناه لا لحماية أنفسنا بل لحماية الدعوة
النبيلة والقصد والكريم، بل ولحماية الإخوان أنفسهم ممن فرضوا عليهم “السمع
والطاعة” هذا هو رأينا فليجادلنا فيه من يؤمن بقوله تعالى :(إدع إلى سبيل
ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضل
عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) صدق الله العظيم …)
المحور الرابع
المحور
الرابع: القائل بأن السادات كان واحدا من الإخوان المسلمين ابنته السيدة/
رقية السادات فى المفأجئة التى كانت من العيارالثقيل التى أعلنتها
السيدة/رقية السادات نجلة الرئيس السابق محمد أنور السادات وكاتمة أسرارة
في حوارها مع (ولاد البلد) تكشف رقية السادات أشياء في حياة أبيها، وكذلك
تتحدث عن مذكراتها التي تكتبها منذ ربع قرن وتؤكد فى هذة المذكرات أن
والدها محمد أنور السادات كان من الإخوان المسلمين .
تقول السيدة/ رقية
السادات: فارق السن كان بسيطا بيننا ولم يتعد 23 عاما، ولذلك فالعلاقة التي
نشأت بيني وبين والدي كانت حميمة للغاية، وكأنني اخترته واختارني،
فالعلاقة ليست بنوة وفقط، وإنما كانت علاقة إخوة وصداقة، كما كان لي بمثابة
الأخ والصديق والابن والحبيب، وكنت في كثير من الأحيان أشعر بأنني أمه
وتوأم روحه، حيث كان يجمعنا التصاق روحي عجيب.
ومذكراتي سوف تكشف
المستور في حياة الرئيس وفي مماته، وإلا كيف تكون مذكرات وهي لن تسرد
جديدا؟، حياة الرئيس فيها الكثير مما لا يعلمه الناس خلاف ما ذكرت، وقد
بدأت في كتابتها عندما استشهد الرئيس الراحل أنور السادات، ومازلت أدون
فيها حتى هذا الوقت، وسوف تصدر قريبا في السوق وأتوقع أن ُتحدث ضجيجا فور
صدورها فهذة المذكرات سوف تحمل الكثير عن علاقات والدي بالقوي السياسية
الموجودة آنذاك أو ما يسمي بالجبهة الداخلية، وعلي رأسها جماعة الإخوان
المسلمين.
وتقول السيدة/ رقية السادات كما أفرد في هذه المذكرات جزء
كبيرا عن الرئيس المؤمن في تدينه وصومه الثلاثة أشهر الحرم، واعتكافه في
مسقط رأسه بميت أبو الكوم طوال شهر رمضان، وتسجيله للقرآن الكريم بصوته علي
شرائط كاسيت، علاوة عن الحديث عن انضمامه لإحدى شعب الإخوان المسلمين
وحديثة بأنه كان واحدا من الإخوان المسلمين …)
حقيقة حدث خلاف بين
الباحثين حول شخصية محمد أنور السادات هل كان مع الإخوان أم ضد الإخوان ،
وهل كان متعاطفا معهم أم كارها لهم ،وهل كان واحدا منهم أم لها ؟
كلها
تخمينات من قبل من عرضوها ولانستطيع الجزم الا بالمنطق ولنا نحن أن نستنتج
حقيقة هذة العلاقة بين السادات والإخوان المسلمين ، فلربما أتى التاريخ لنا
فى يوم من الأيام بالقول الفصل
يتبقى لنا أن نعرف كيف مات محمد أنور السادات وهل كانت علاقته بالإخوان المسلمين سبباً فى موته؟
وفاة محمد أنور السادات
هناك
العديد من الروايات حول وفاة السادات حيث أن محمد أنور السادات تم إغتيالة
فى حادث المنصة يوم 6 أكتوبر عام 1981م ، وقد ركز الباحثون على روايتين
للإغتيال:
الرواية الأولى
تقول أن خالد الإسلامبولي هو المخطط
والمنفذ الرئيسي لعملية الاغتيال، ترجل من سيارته أثناء العرض بعد إجبار
سائقها ، والذي لم يكن مشتركا في العملية على إيقاف السيارة، ثم اتخذ طريقه
بشكل مباشر نحو المنصة وهو يطلق النار بغزاره على الصف الأول مستهدفا
السادات، وبالفعل استطاع توجيه رصاصات نافذة إلى صدر السادات بشكل عام
وقلبه بشكل خاص وكانت من أسباب وفاته ، أصيب في ساحة العرض وتم القبض عليه
ومحاكمته ومن ثم إعدامه رميا بالرصاص بعد ذلك .
عبود الزمر: شارك في
تخطيط و تنفيذ في عملية الاغتيال وهو الذي اختار فكرة الهجوم بشكل مباشر
على المنصة من الأمام من خلال عدة بدائل كانت مطروحة آنذاك منها مهاجمة
المنصة بواسطة إحدى طائرات العرض العسكري أو مهاجمة استراحة السادات أثناء
إقامته فيها ، وصدر عليه حكمان بالسجن في قضيتي إغتيال السادات (25 عاما)
وتنظيم الجهاد (15 عاما)وقد قررت المحكمة في 2007 التنحي عن النظر في
الاستشكال الذي تقدم به عبود الزمر.
حسين عباس: قنا