سبق صحفى
عدد الرسائل : 2092 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 13/02/2009
| موضوع: هيبة الدولة بعد «25 خسائر » بين الحلم والواقع بقلم/ احمد شعلان الإثنين 24 يوليو 2017 - 3:13 | |
| من كتاب تحول السلطة للمفكر الأمريكي "ألفين توفلر" يناقش مفهوم السلطة في العصر الحديث، فيحدد لها ثلاثة مصادر للسلطة وهي "الثروة والعنف والمعرفة"، ولكن أصبحت المعرفة بأنواعها قادرة على إخضاع الثروة والعنف ويرى توفلر أن ما يمر به العالم من تغير (الثورة المعرفية) يؤهل لذلك الإخضاع ليس عشوائيًا بل هو ممنهج وإنه يرى أن كتابه يطرح رؤية للحضارة البشرية الجديدة في ظل العولمة بإحداثيات موحدة وبتفكيك الهياكل والأنظمة التقليدية لتحقيق نظام عالمي جديد. إن ثورات الربيع العربي لم تكن حدثًا عرضيًا في منطقة الشرق الأوسط وإنما هي جزء من موجة عالمية أكبر من دولة أو نظام لتحقق انهيار الحواجز والنظم السياسية القوية وسواء تحققت في ليبيا بثورة أو في العراق بغزو فإنها تحققت في شرق أوروبا بالقوة الناعمة لتحقيق نفس الأهداف، وهو ما كتب عنه المفكر الأمريكي "جوزيف ناي" في ٢٠٠٦ عن استخدام القوة الناعمة كاستراتيجية أمريكية بديلا عن القوة الصلبة، وقد حققت بالإعلام والإنترنت ما لم تستطع الجيوش تحقيقه على مر عقود لفرض النموذج الأمريكي ثقافيا واقتصاديا، وقد علق المفكر الأمريكي "هنتنجتون" أن النموذج الأمريكي هو الأصلح على وجه الكرة الأرضية، لذا يلزم تعميمه أما "فوكوياما"، فقد أعلن أن التاريخ وصل نهايته بانتصار النظام الليبرالي القائم على السوق الحرة كعقيدة إنسانية لها بعد سياسي وثقافي واجتماعي قادر على التوغل في المجتمعات من خلال العولمة الاقتصادية التي تسيطر على اقتصاديات الدول أجمع. البعد الثقافي (الانفتاح) والسياسي (الديمقراطية) للسوق الحرة الليبرالية عناصر لا يمكن مقاومتها عند التعاطي مع آليات السوق الحرة فتصبح جزءًا لا يتجزأ من المنظومة ويصعب مقاومتها، وهو ما تواجهه الدولة المصرية كمتغير نوعي نحو بناء هيبة الدولة، حيث إن الغزو الثقافي الغربي من خلال ما يسمى الثورة المعرفية (الإعلام والإنترنت) أصبح واقعًا لا يمكن تجاهله له إيجابيات مثل التواصل مع اقتصاديات العولمة والعلوم والتكنولوجيا، ولكنه قضى على فكرة الثقافات المحلية وخصوصيتها والتقاليد، بل إن الأمر وصل إلى كسر المسلمات ومهاجمة العقائد الدينية الوسطية، مما مثَّل تحديًا مجتمعيًا خطيرًا. إن "توفلر" تحدث عن أثر الثورة المعرفية في فئات بعينها بما سبب تفكك المجتمعات (مثل الشباب) بما يساعد على تحلل الدول حتى في الدول المتقدمة، وانتهي أن الكيان الأقوى في الدولة هو الحكومة السرية المتحكمة في الدولة وليس الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا، بل التي تمتلك المعلومات ولديها القدرة على تسريبها أو حجبها وتشويش الرأي العام بالشائعات أو ترويضه (ويكيليكس كنموذج).. ولكن فيما يسمى (حرب المعلومات) هناك آليات وتكتيكات قد تساعد الحكومات لمواجهة الانفلات المعلوماتي سنتحدث عنها في مقالات لاحقة لتحقيق مكاسب في الحرب المعلوماتية. تحدث "توفلر" عن أهمية التجسس الاقتصادي من خلال الشركات عابرة القارات، ودلل أن وكالة معلومات خاصة تنبأت باغتيال الرئيس السادات قبل عشرة أشهر من الحادثة. إن إعادة مفهوم هيبة الدولة بمفهومه الكلاسيكي التي مارسته الدولة المصرية قبل ٢٥ يناير لتحقيق الاستقرار يصعب استنساخه ويجب أن يخضع لتطوير منهجي في ظل المتغيرات العالمية وأثرها فى المحلية وأخطرها الثورة المعرفية وأثر القوة الناعمة للعولمة ونموذج الاقتصاد الحر الليبرالي على السياسة والثقافة.. وكما نجحت الدولة المصرية (أول دولة مركزية في التاريخ) أن تعبر من ثورات الربيع العربي فإن فرصتها كبيرة في استلهام نموذج بناء دولة قوية مستقرة بناء على العقول المصرية، ولكن لن يكون نسخة من نظام ما قبل يناير بأي حال من الأحوال ويجب أن ندرك أن ما يمر به الوطن اليوم ليس لأن متخذي القرار السابقين كانوا أفضل وإنما لأن الظروف أكثر صعوبة خاصة عندما انكسرت أساطير القوة التي عاشت عليها الشعوب لقرون متتالية والانفلات المعلوماتي تحت مسمى الثورة المعرفية بما شكل نمط الحروب المعلوماتية. | |
|