مع مرور ستين عاما على جريمة العصر ، جريمة اغتيال شعب وطرده من وطنه ، ليحل مكانه ما هب ودب من الاجناس والاعراق ، من شراذم الامم وافاقي الشعوب ، من مصاصي الدماء واعداء الانسانية ، برعاية اكبر مجرمي هذا الكون ، في الغرب الامبريالي الاوروبي ، والدعم الامريكي البربري .
جريمة لم تعهد الانسانية مثيلا لها ، ولم تسطرها كتب العالم وحتى اساطيره ، ان يقتلع شعب من وطنه ، ويرمى به في شتى بقاع الارض، وفي صناديق مخيمات الزينكو ، ليعيش الفقر والجوع والبطالة ، وعلى مرمى ناظريه ، وطن ينهب وتراب يدنس وهواء يلوث ، باقدام وانفاس كريهة، عافتها الذات الالهية قبل ان تعافها الذات الانسانية ، لانها عار الانسانية في السلوك والممارسة اللااخلاقية ، في تمثلها لعداوة بني البشر، ولطموحات الانسان واخلاقياته .
قتلة مجرمون مارسوا الجريمة حتى مع انبياء الله ، ولوثوا كل تعاليم الانبياء والرسل ، الذين بعثهم الخالق لهداية البشر ، فكانوا بوابة موصدة في وجه الايمان والحق والخير ، حتى نبذتهم الذات الالهية على ما اقترفت اياديهم القذرة ، واستخدموا كل ما اكتنزته نفوسهم المريضة ، في حق شعب اعزل ، الا من الايمان بحقه في الحياة ، وبأن له وطن لابد وان يعيش فيه حرا كريما كباقي شعوب الارض .
جريمة النكبة وقيام الكيان الصهيوني المصطنع تمر عليها اليوم ستون عاما وما زال هذا الكيان يعيش هلوسات البقاء يتحين الكثيرون ممن انطلت عليهم اكذوبة حق اليهود في فلسطين للهروب من هذا الكابوس الذي وضعتهم فيه الدعاية الصهيونية لانهم يبحثون عن الامن الذي لن يجدوه في ظل مقولة ابدية لا يضيع حق وراءه مطالب فالشعب المقتلع من وطنه يؤمن ايمانا قاطعا انه صاحب حق لابد وان يعود هذا الحق الى اصحابه .
جريمة الاستعماريين والصهاينة انهم لا يتعلمون كثيرا من ابجديات التاريخ ، التي تسطر كلماتها ان الاستعمار ايا كان لونه ونوعه ودينه ، مآله الى زوال ، وان فلسطين خاصة والوطن العربي على وجه العموم ، قد ابتلي بكل انواع الاستعمار وانواع الاحتلالات ، ولكنها جميعا ذابت في رحم هذه الارض ، ولم يبق منها اثر يؤشر على انها كانت في يوم ما ، تدرج على اديم هذه الارض .
عرفت فلسطين الكثير من غزوات الغرباء ورحلت او ذابت كلها ، ولن تكون الغزوة الصهيونية استثناء ، بل هي اضعف كل هذه الغزوات ، رغم مظاهر القوة الكاذبة ، التي تعتمد على وهن وضعف الامة ، فالامة سرعان ما تنفض عنها غبار الضعف والوهن والفرقة والعجز ، وتقف كالطود الشامخ في وجه الغرباء ، معلنة ان لا وجود لغير ابناء هذه الامة على ارض الامة ، ولا حياة لاعداء الامة تحت سماء الامة ، الممتدة من الماء الى الماء ، وفلسطين كبد هذه الامة وشريان الحياة الوحدوي فيها ، فلن تستطيع قوة في الارض ان تقطع شريان الحياة هذا .
في ذكرى النكبة حق لابد ان يعود ، حق لا ينسى مع مرور الزمن ، لان اليد تلقي حجرا ، وتحمل بندقية في وجه الاحتلال ، كفيلة بعودة الحق الى اهله ، وان امة تحمل السلاح في وجه برابرة العصر ، من امبرياليين وصهاينة ومجوس ، هي امة جديرة بالحياة ، وهي جديرة بان تعيش على ارضها حرة كريمة ، ولن تستوي هذه الحياة ، وهناك غرباء يدنسون ترابها ، ويلوثون الحياة على ارضها ، ويقفون في طريق تقدمها ورفعة شأنها ، ووحد تها في دولتها .
فلسطين ارض للاخيار والطيبين وليست للاشرار والمجرمين ، وليس هناك من هو اكثر طيبة من الفلسطينيين والعرب ، وليس هناك من هو اكثر اجراما من الامبرياليين والصهاينة ، فالحق يعلو ولا يعلى عليه ، واصحاب الحق هم اصحاب الخير لا القتلة والمجرمين ، وتضحيات اصحاب الارض وابناء الامة ، ستزهر يوما في تحقيق النصر والتحرير ، رغما عن عمالة العملاء وخيانة العبيد ، والمتهافتين على موائد الامريكان واليهود .
المقاومة والجهاد بوابة التحرير ، هكذا علمتنا كل غزوات المجرمين ، لان هؤلاء لايخرجون من ديارنا الا بالقوة ، فلا يفل الحديد غير الحديد ، ولا يحرر الارض غير المقاومة ، فهي شريعة الله لعبيده المستضعفين ، وهي شريعة لكل شعوب الارض الذين ابتلوا بمواجهة اعداء الله والحق والخير ، والمقاومة ثمارها يانعة اما نصر او شهادة ، وكلاهما من الطيبات التي تعشقها الذات الطيبة ، في مواجهة النفس المريضة التي تعاف حتى نفسها .
شعب فلسطين لن يتخلى عن حقه في وطنه ، وما ضاع حق وراءه مطالب ، والامة لن تتخلى عن وجودها ، وعن العمل على وحدتها ، وفي المقدمة منها تحرير تراب الاوطان التي يدنسها الاغيار، في فلسطين والعراق وعربستان والاسكندرونه والجزر العربية ، وكل ذرة تراب من تراب الوطن الكبير ، فخير امة اخرجت للناس ، ليست في وارد ان تنام على وهنها وضعفها ، والاحتلالات الجاثمة على صدر اجزاء من ترابها .
القدس لنا وكل فلسطين من البحر الى النهر لنا ، ولن نفرط في حبة تراب منها ، ولن ترهبنا قوة اعدائنا ، ولن تثل حالتنا الماساوية من عزيمتنا ، وايماننا بحقنا في الحياة ، واستعادة ما اغتصب من ديارنا ، فللباطل جولة وللحق الف جولة ، فكل الحروب التي قامت لم تكن حروبنا ، لاننا لم نكن اصحاب القرار فيها ، وعندما نستعيد القرار المنتزع من بين ايدينا ، ستكون اول حرب لنا ، وستكون اول تباشير النصر الى جانبنا .
في ذكرى النكبة يرقصون على جثث هزائم لم تكن هزائمنا ، لان قرار الحرب والمواجهة لم يكن قرارنا ، وعندما يكون القرار بين ايدينا ، لن يكون في مقدورهم ان يقيموا افراح النصر الموهوم ، فهم يظنون وهما انهم منتصرون ، ونحن على يقين انهم في طريقهم الى الهزيمة ، لان الحق لابد وان يعود ، وان السواعد القوية المؤمنة بحتمية النصر والتحرير ، قادرة ان تعيد الحق الى نصابه، وان تدفن كل افراحهم الموهومة مع حثالات جثثهم النتنة . الامة التي تحمل السلاح في وجه هذا الطغيان العالمي ، هي امة لن تموت ، وهي امة جديرة بالحياة ، والشعب الذي يقاوم في دنيا العروبة،على ارض فلسطين والعراق على وجه الخصوص، هو شعب جدير بالحياة ، وسيتنزع حقه بارادة المقاومة ، فما ضاع حق وراءه مطالب ، وما خذل الله شعبا قرر ان يحمل السلاح ، في وجه الظلم والعدوان ، ففلسطين ستبقى عربية من البحر الى النهر، ورحم الله صدام حسين ، الذي لم ينس فلسطين ، حتى وهو في حضرة ملائكة الموت .