صقور اليمين الإسرائيلي.. ومستقبل عملية السلام

لاشك أن تكليف بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة الإسرائيلية يزيد من الشعور بالقلق لدي الفلسطينيين والعرب عامة حتي أمريكا والإسرائيليين انفسهم.. حول مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط.. حيث من المعروف عنه تشدده وكراهيته للفلسطينيين ورفضه التنازل عن الأرض مقابل السلام سواء كانت الأراضي الفلسطينية المحتلة أو حتي هضبة الجولان.. وشجب اتفاقية اوسلو ويصر علي أن تكون القدس عاصمة ابدية لإسرائيل.. كما أنه يري أن الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة وإنما هي أرض قومية توراتية وعلي اليهود الاحتفاظ بها.. ولايحق لهم التنازل عنها أو التفاوض بشأنها كما أنه يتبني ويشجع سياسة الاستيطان والتوسع فيها داخل الأراضي العربية المحتلة ويدعم هجرة اليهود الروس إلي إسرائيل.. واستقال من حكومة اريل شارون عام 2005 عندما كان وزيرا للمالية اعتراضا علي الانسحاب الإسرائيلي احادي الجانب من قطاع غزة.. وخلال فترة توليه وزارة المالية في الفترة من 2003 إلي 2005 سعي لخفض نسبة مواليد فلسطيني 48 للحفاظ علي الأغلبية الإسرائيلية والطابع اليهودي لدولة إسرائيل من خلال خفض مخصصات الضمان الاجتماعي التي تمنحها الدولة للأسر كثيرة الأبناء.
ويزيد من مخاوف تولي نتنياهو اشد القادة اليهود ميلا لليمين واكثرهم جدلا رئاسة الحكومة الإسرائيلية ودخول عملية السلام في الشرق الأوسط نفقا مظلما غير واضح المعالم.. انضمام افيجدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" الأشد تطرفا إلي حكومته واعلان تأييده له.. فالأخير كما هو واضح من اسم حزبه لديه العديد من الافكار العنصرية المتطرفة وعلي رأسها فكرة قيام دولة إسرائيلية يهودية نقية تقوم علي اخلاء إسرائيل من فلسطيني 48 وأي عنصر أو ديانة أخري غير يهودية وإذا كان نتنياهو وليبرمان واجنحة الليكود وشاس وباقي الأحزاب الدينية المتطرفة سيمثلون الصقور في السياسة الإسرائيلية المستقبلية.. فإننا لن نجد حمائم بين معارضيهم.. بل اتوقع أن يحدث شقاق وصدام بين إسرائيل وحليفتها وراعيتها الابدية الولايات المتحدة الامريكية في ظل عدم ثقة الأخيرة في شخصية نتنياهو خاصة في ظل إدارة باراك أوباما الساعية لتحقيق السلام في المنطقة واقامة الدولة الفلسطينية.
ولكن هل يتخلي "بيبي" وهو اسم الشهرة لبنيامين نتنياهو عن تشدده من اجل ارضاء الولايات المتحدة الامريكية ومن اجل انجاح حكومته التي يتوقع الكثيرون فشلها.. خاصة وأن حكومته الأولي والتي كان فيها اصغر من تولي رئاسة الحكومة الإسرائيلية "46 سنة" وأول رئيس وزراء إسرائيلي ينتخب بالاقتراع المباشر واول رئيس وزراء ولد بعد تأسيس دولة إسرائيل.. والتي استمرت 3 سنوات من 1996 إلي 1999 انتهت بانتخابات مبكرة آثارها اتفاق سلام توصلت اليه واشنطن مع الفلسطينيين.. وفي هذه الانتخابات مني نتنياهو بهزيمة نكراء امام إيهود باراك نتيجة سوء علاقته مع الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون.. وعقب هزيمته في الانتخابات استقال نتنياهو من رئاسة حزب الليكود واعتزل السياسة مؤقتا ليعود وزيرا للخارجية في حكومة اريل شارون عام 2002 بعد انسحاب حزب العمل من المشاركة في الحكومة الإسرائيلية ثم وزيرا للمالية في نفس الحكومة عام 2003 وحتي 2005 عندما استقال بسبب انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.. ووقع بينه وبين شارون خلاف ادي الي قيام الأخير بالانشقاق عن الليكود وتأسيس حزب كاديما.. وعاد نتنياهو لقيادة حزب الليكود في الانتخابات الاخيرة 2009 وتمكن من قيادة الليكود لمضاعفة مقاعده في الكنيست الإسرائيلي وحقق المرتبة الثانية في الانتخابات بعد كاديما بزعامة تسيبي ليفني وجاء بعده حزب "إسرائيل بيتنا" بقيادة ليبرمان المتطرف الذي حقق نسبة غير متوقعة في الانتخابات متقدما علي حزب العمل بقيادة ايهود باراك.. ومع تصاعد اليمين في الحكومة الإسرائيلية يتوقع المراقبون تعقد الأمور في عملية السلام في الشرق الأوسط وانحراف مسارها بل وتوقفه.
ومن خلال قراءة نتائج تولي بنيامين نتنياهو وتحالف ليبرمان معه.. اعتقد أنه علي الفلسطينيين من مختلف التيارات والذين هم اصحاب المشكلة وليس احد غيرهم أن يحللوا هذه النتائج التي يعرفونها جيدا ويسارعوا الي مائدة الحوار والمصالحة الفورية لكي يتفرغوا لحل مشكلتهم مع المحتل الإسرائيلي.. بدلا من ربط استمرار الحوار بين الفصائل بالافراج عن المعتقلين السياسيين لدي كل فصيل.. وكأنهم كما نقول "يضعون العقدة في المنشار" كما فعل ايهود أولمرت رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها قبل مغادرته منصبه بربط التهدئة وفتح المعابر بالافراج عن شاليط وذلك في عملية تجميل لسياسته قبل الرحيل وقد كان قرار أولمرت بربط التهدئة بالافراج عن جلعاد شاليط صدمة للجميع.. واوقف مسار الحوار الفلسطيني الي حين.. ولكن مصر التي تسعي جاهدة لانهاء الخلاف والانقسام الفلسطيني لكي يتفرغ الاشقاء الفلسطينيون لقضيتهم الاساسية مع محتل ارضهم.. سارعت بالدعوة لاستئناف الحوار بين الفصائل والذي سيبدأ في القاهرة غدا.. ومصر في ذلك تسابق الزمن لتحقيق المصالحة وانهاء الانقسام الداخلي وتوحيد الصف الفلسطيني لمواجهة تداعيات وصول اليمين الإسرائيلي المتطرف والمتشدد علي عملية السلام وقيام الدولة الفلسطينية خاصة وأن نتنياهو لايعترف باية حقوق للفلسطينيين ولايريد التهدئة معهم ويري أن العدوان علي غزة لم يكمل مهامه.. وحكومته لن تكون حكومة سلام بل ستكون حكومة عدوان وتوسع استيطاني.. ولذلك يجب علي الفلسطينيين ان يدركوا ذلك وهم يدركونه بالفعل ولابد لهم من الاسراع في المصالحة وتشكيل حكومة توافق ووحدة وطنية واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ليكون لهم كيان موحد يستطيع التفاوض والتعامل مع صقور الحكومة الإسرائيلية المتشددين..