ربك سلّم، فى الحسين ترافقك وأنت تسعى نحو المشهد لقراءة الفاتحة تبركا وُجُوهٌ نَاعِمَةٌ، لِسَعْيِهَا رَاضِيَة، لولا دعوات الصالحين فى صلاة القيام ما قامت قيامة المكان، الحسين شهيد، الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، تتجدد فى الحسين الحياة كلما ألمّت به نذر الموت، روح الشهادة تسرى، حديث الأرواح للأرواح يسرى.. وتدركه القلوب بلا عناء.
مثقف مصرى رائع يتخذ مقعده كل ثلاثاء بعد العشاء قبالة الباب الأخضر وحتى صلاة الفجر، يكرمنا مما أفاء الله عليه، أرز باللبن من عند المالكى، وشاى أحمر بنعناع أخضر من الفيشاوى، ويتسامح معى فى تدخين الشيشة على الناصية، يعتقد أن المشهد على اتساعه وانفتاحه على الحى العتيق، محروس ببركة الحسين رضى الله عنه، عين الحسين على المكان، نظرة ومدد يا حسين.
أخشى أن تسرى تلك الروح البركاوية فى تأمين المكان، اعقلها وتوكل، الحسين ليس جنرالاً، الحسين شهيد، لا أتخيل أن بازارات بملايين الجنيهات تقتر على أمنها وأمانها، لا تؤمن مداخل المنطقة ومخارجها وعلى أبوابها، على الأقل تمول عمليات التأمين التى تكلف كثيرًا.
لا أعقل كيف تمضى الحياة فى أشهر مزار سياحى مصرى دون مراقبة بالكاميرات، كاميرات فوق الكبارى وفى الأنفاق، فى الشوارع والخانات، فى المحال والبازارات ومداخل الفنادق وسطوحها، كيف لا تنشر الكاميرات فوق السطوح، لماذا لا يربض هناك قناصة محترفون؟
الحسين ليس مزارًا عاديًا، يقال إن كاميرات وزارة الداخلية لا تظهر إلا أثناء التشريفات، الكاميرات فقط للتشريفات، لزوم التشريفة، وبعد مرور التشريفة تعود أدراجها، تشون فى انتظار التشريفة التالية.. بلاها كاميرات الداخلية، أين الكاميرات الخاصة، أين كاميرات المحال والبازارات والفنادق؟ ينتظرون كاميرات الداخلية، كاميرات التشريفة، الحسين كل يوم فيه تشريفة، وفد سياحى.. كاميرات الداخلية لن تغطى مصر كلها، من استطاع التغطية فليغطِ نفسه.
المكان لا يحتاج إلى خطط تأمينية اعتيادية، يحتاج إلى ما هو أهم، شركات احترافية فى التأمين.
أولياء الله الصالحون لا ينتظمون فى شركات الأمن، عادة تشعر بالبركة.. كيف تخلو المنطقة من شركات احترافية لديها استعداد خاص وغريزى لتأمين المكان دون المساس بالإحساس العام، بالأمن والأمان، دون إقلاق لراحة الأولياء وإرهاب السياح وتخويفهم؟ وحدات منتقاة وعلى أعلى مستوى وتجيد اللغات، أعتقد أن الفرخة التى تبيض ذهبا تحتاج إلى قفص من ذهب مُحلى بالجواهر البشرية المنتقاة بعناية من ضباط الإرهاب المحترفين.
الهواجس التى طفت على سطح المكان تقشعر منها الأبدان، تأمين الحسين جيدًا مهم ومثله ألف مزار، دعوات الأولياء فضل ونعمة، لكنها لم تمنع تفجير الأحد، ما جرى فى الحسين نموذج، أخشى من الضربة المقبلة «وقانا الله»، ستكون فى أبعد مكان عن الخيال، الإرهاب يكرر ضرباته فى الأماكن نفسها التى نجح فيها سابقا، الحسين يضرب ثانية، آخر مرة كانت فى عام ٢٠٠٥.
قضاء أخف من قضاء، مشكور وزير الداخلية أن خف إلى المكان فى التو واللحظة، يقينا لم يكن هناك متسع من وقت ليؤدى اللواء حبيب العادلى صلاة الشكر فى المشهد الحسينى، كان لازما عليه أن يمر من الباب الأخضر من فوق العتبة الخضراء ويملّس على القطيفة الخضراء، شاكرًا ما استطاع إليه سبيلا، البركة حلت، بركة ومدد يا حسين، بردًا وسلامًا، صلاة الشكر واجبة أثابكم الله.