غلاف كتاب "الإفراط فى الاستعباط" للكاتب الساخر مصطفى رجب
على قدر إفراطه فى الأكاديمية يأتى إفراط الكاتب والخبير التربوى الدكتور مصطفى رجب فى السخرية فى كتابه الجديد "الإفراط فى الاستعباط" الصادر مؤخراً عن مكتبة العلم والإيمان للنشر والتوزيع بالقاهرة.
برؤيته الساخرة يلتقط مصطفى رجب أستاذ التربية والعميد الأسبق لكلية التربية بجامعة سوهاج، ما يمر به الشارع المصرى من أحداث بالنقد اللاذع، مقتنصاً مواطن السخرية الساعية للإصلاح والتقويم.
ويبدأ رجب بشرح الاستعباط والذى يقول عنه فى العامية المصرية الحديثة هو مأخوذ من لفظ "العبط" بمعنى الغفلة والجهل ولهذا المصدر مرادف مكافئ له فى الدلالة بدرجة كبيرة وهو "الاستهبال" وهو مأخوذ من الهبل، فالأهبل والعبيط فى الأصل يعنى أن الشخص الذى يستعبط ليس عبيطاً وإنما هو واع كل الوعى، ولكنه يدعى أنه أبله مغفل وهدفه من الاستعباط أو الاستهبال استغفال من يسمعه أو من يصدقه.
ويصل رجب فى حديثه إلى نماذج من الاستهبال والاستعباط، فمثلاً يسمى الإعلام الحكومى الفقراء تلطفاً وتخفيفاً "محدودى الدخل" ويعلق بقوله، ولو أنهم فطنوا إلى دلالة هذه التسمية لأدركوا أنهم يعترفون بمفهوم المخالفة وهو أحد مفاهيم اللغة عند علماء أصول الفقه والنحاة والبلاغيين بوجود طبقة أخرى لا حدود لدخلها والذى لا حدود لدخله لا يمكن محاسبته أصلاً، فالمحاسبة تعتمد على ضبط المقبوض والمدفوع فمن أين لمحاسب أن يحاسب دخلاً غير محدود؟.
ويسمى الإعلام الحكومى رفع الأسعار المفاجئ تلطفاً وتخفيفاً، تحريك الأسعار، والتحريك فى الأصل معناه اللغوى قد يكون لأعلى ولأسفل وذات اليمين وذات الشمال ولكنهم يقصرونه – لا مؤاخذة – على الرفع فقط ، ويمنعون موظفى الدولة الكبار كالوزراء من ممارسة الأعمال التجارية والاستثمارية ما داموا فى وظائفهم، ثم يمنحونهم الترخيص بممارسة كل ما حرموه بأسماء زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم وعماتهم وخالاتهم وبنات الأخ وبنات الأخت وأخواتهم من الرضاعة وأمهات نسائهم وآبائهن وإخوانهن وأخواتهن، وهم يعلمون علم اليقين أن المال مال الوزير، وأن الشركة شركته وأن الضرائب ستمر على أملاكه وأمواله مر السحابة: لا ريث ولا عجل، كما يقول الأعشى، ولكنها إذا مرت على بقال صغير أو محل للعصير تريثت كل التريث وحاسبته حساب منكر ونكير.
ويسمون جماعة الإخوان "الجماعة المحظورة" احتراماً لقرار صدر بحظر نشاطها عام 1954، مع أن كل ما سبقه وما تلاه من قرارات مجلس قيادة الثورة تم إلغاؤه أو تعطليه أو تجاهله ما عدا هذا القرار الفلتة.
ويرصد رجب أنه اطلع على قرار إزالة لطابق مخالف فى القاهرة فرأى ديباجته تقول بعد الاطلاع على "الديكرتو" الصادر من الباب العالى فى 1874، وعلى المرسوم السلطانى الصادر 1915 بشأن كذا وكذا وعلى قانون المركبات الصادر سنة 1934 و....و.... حتى تصل إلى القانون الصادر عام 1977، ويتساءل رجب: فبماذا نسمى ما سبق؟ إن لم يكن استعباطاً؟.