مع الساعات الأولى من إرسال التليفزيون المصرى أمس لأول أيام التطوير الذى أعلنه أنس الفقى وزير الإعلام، و قال إنه شامل وغير مسبوق، توقع المشاهد المصرى أنه سيرى مستوى خلاق من الصورة والأداء التقنى والمستوى الإعلامى الرفيع يبرر حالة الانقلاب التى قادها مسئولو ماسبيرو من أجل تطوير التليفزيون والتى راح ضحيتها مئات من العاملين بذريعة التطوير الذى جاء على جثثهم، على حد قولهم.
إلا أن ما شاهدناه على الشاشة حتى الآن لا يرقى لشكل قناة فضائية ضعيفة متواضعة الميزانية بداية من لوجوهات القناة التى أخذت شكل هرم واحد فى شكل بالغ السطحية وخالٍ من أى ابتكار أو مجهود، ويعبر عن جهل صناعه، كما أنه لا يحمل خصوصية لمصر، لأنه يوجد مئات الأهرامات حول العالم، أما ما تتميز به مصر هو الأهرامات الثلاثة بجوار أبو الهول فى شكلها المعروف، وهو اللوجو القديم، كما أن اللون الأبيض للوجو مع فنط رفيع يسبب حالة زغللة للعين. ومن الطبيعى لمجموعة من المخرجين عديمى الخبرة والثقافة الإعلامية مغرمين بالنمط الغربى للتليفزيونات أن يكون إنتاجهم ليس أكثر من محاكاة سطحية وساذجة لما شاهدوه على القنوات الشبابية العصرية كون إيقاعها أكثر سرعة.
الشكل الجديد للتليفزيون المصرى يذكرنا بالفيلم الأمريكى الذى حصل على جائزة الأوسكار العام الماضى باسم "لا مكان للعجائز" عن الوطن الذى لم يصبح متسعا لمن تقدم به العمر، و كما لم يعد هناك مكان يتسع للعاملين القدامى فى ماسبيرو، بحجة تقدم أعمارهم بحيث لم يعد صالحا ظهورهم على شاشة تليفزيون الدولة أو حتى العمل من خلف الشاشة.
وبنفس المنطق لم يعد هناك متسع على شاشة التليفزيون بعد التطوير للعجائز بداية من "بروموهات" التطوير التى انحصرت فى مشاهد لبعض الشباب المراهق وهم يلعبون الكرة أو يقومون ببعض الحركات الرياضية وهى بروموهات مقتبسة بسذاجة من بعض بروموهات قديمة عرضت على تلفزيون (إم .بى .سى) وهى تشبه أيضا إلى حد كبير بروموهات قناة "دبى" و "أو. تى. فى"، ولكن هذه القنوات كانت تستخدم مثل هذه البروموهات للتعبير عن وقت مخصص للشباب على شاشتها وليس تعبيرا عن القناة نفسها التى تقدم فقرات وبرامج لجميع إطراف الأسرة، أما القنوات الشبابية مثل "أو .تى .فى، فتركيزها على عنصر الشباب فى إطار رؤيتها الإعلامية.
كل هذا مرورا بنوعية البرامج المقدمة، مثل برنامج "زينة" وهو مخصص للفتيات فى مقتبل العمر و"جرب تتحرك" وهو برنامج عن الأيروبكس و"طعم البيوت" بديل برنامج "هى" و"سواريه" برنامج توك شو فنى شبابى و"بيئتنا" وهو برنامج يحث الشباب على الاعتناء بالبيئة اما المسلسلات الأجنبية على القناة الثانية فشهدت عودة مسلسل "الجرئ والجميلة" المسلسل الأمريكى الذى فقد صلاحيته مع المشاهد منذ أكثر من 10 سنوات، أضف إلى ذلك شريط الأخبار الذى يبدو ملتبسا وفنط أصغر مما كان عليه بالشكل الذى يصعب رؤيته إلا لمن يملك تليفزيون 30 بوصة مثلا إضافة.
فكر التطوير لدى المسئولين فى ماسبيرو انحصر فى الشكل البصرى فقط، ورغم أنه لم يقدم الشكل البصرى المتطور كما وعدوا فإن التطوير أيضا لم يقدم أى مضمون يختلف عما كان إضافة إلى أن التطوير كان يقتضى تحسين مستوى الصورة من خلال تطوير وسائل البث لتقديم صورة أكثر وضوحا وهو ما يؤثر على الرؤية البصرية بالقطع.