◄عيد الرياضة «حكومى» سمع الشعب عنه فى وسائل الإعلام هل القلعة الحمراء فى حاجة إلى لجنة حكماء؟
أكثر الله من أعيادنا حتى لو كانت بلا معنى ولا هدف.. وعيد الرياضة الذى اخترعته السياسة ولم يفكر فيه الرياضيون لم يكن فكرة إنسانية أو عاطفية أو رومانسية مثل عيد الأم وعيد الحب.. وإنما كان تطويرا لمبادرة تكريم 125 رياضيًا ومنحهم أوسمة يوم 3 مارس من العام الماضى بمكرمة من الرئيس حسنى مبارك.
هذه المكرمة رغم إنسانيتها إلا أن تطويرها وتوسيع مجالها إلى درجة «العيد» يحمل مفارقات غريبة ومثيرة للدهشة من حيث الفكرة نفسها ومن حيث التنفيذ.. فقد حدثت منذ عام وقبل أشهر قليلة جدا من فشلنا الذريع فى أوليمبياد بكين.. ومع تردى أوضاعنا الرياضية حتى نقلنا أحداثها من الملاعب إلى المكاتب حيث النزاعات والقضايا ومحاضر الشرطة.. وغياب الإنجازات رغم إصرارنا على الملكية الأبدية للريادة، وهى الكلمة أو الصفة التى أصبحت تاريخا مثل الأهرامات.. مع وجوب استثناء ما حققه المنتخب والأهلى فى كرة القدم وأبطالنا فى الاسكواش.. ولو أن المبادرة تأخرت حتى الصيف لتغير الحال واستبدلت الدولة الأوسمة بأحكام عرفية تحت مظلة قانون الطوارئ الذى يواجه المنفلتين والمنحرفين وما أكثرهم فى الوسط الرياضى.
والمفارقات الأطرف كانت فى تنفيذ مراسم أول عيد للرياضة.. فالحكومة بأعلى رموزها لبست الشورت والفانلة واحتفلت مع نفسها بالعيد بمشاركة من أتباعها.. واعتقد رئيس الوزراء أنه عندما يخرج على الناس بمظهر غريب خلاف البدل الرسمية والتصريحات الرسمية يكون قد أقام عيدا للرياضة، بينما الشعب مشغول يومها بالذات بأول فوز للزمالك منذ شهرين و10 أيام، ومشغول أيضا بمعرفة رد فعل مانويل جوزيه بعد التعادل مع بترول أسيوط.. ولم يسمع الشعب الذى يحب ويموت فى الرياضة عن عيد الرياضة إلا من وسائل الإعلام «واسترخم» صور الوزراء ورئيسهم بالأزياء الرياضية واسترخم أكثر تعليقاتهم.. واعتبرهم فى حفلة خاصة ليسوا مدعوين لها ولا يملكون وقت فراغ لقضاء «عيد سياسى» ينظمه الحزب الوطنى بينما الذين يتابعون الرياضة مشغولون جدا بحالة أبوتريكة وبما لو كان قادرا على العودة بسرعة حتى يقود الأهلى للفوز بالدورى وهو العيد الرياضى الحقيقى بالنسبة لهم حتى لو اتهمناهم بالنظرة الوطنية الضيقة التى لا تضاهى عبقرية النظرة التطلعية لصقور السياسة الذين لعبوا الكرة ليلفتوا الانتباه لكنهم فشلوا فى اللعب بذكاء عامة الناس رغم أنهم أطلقوا المحاولة من القرية الذكية.
◄كلما تعذرت الحلول الإدارية فى واحد من الأندية الكبيرة برز دور لجان الحكماء.. ولأن الأهلى لا يواجه أى أزمة إدارية من أى نوع رغم اقتراب موعد الانتخابات.. إلا أن وسائل الإعلام تداولت كلمة «الحكماء» وأرادت إقحامهم فى أمور ليست موجودة أصلا.. وهى ثقافة مصرية عامة تحب أن تخترع أشياء لتمهد لأشياء أخرى.. وهى ثقافة تآمرية تفترض دوما الجهل والغباء فى الرأى العام ويؤمن بها نفس الذين يؤمنون بأن بلدا مثل مصر لا يصلح للأخذ بالنظم الديمقراطية، حيث لابد أولا أن يذاكر الشعب الديمقراطية ويحصل فيها على دروس خصوصية ثم نمتحنه ونقرر هل ينتقل من الكى جى وان إلى الكيجى تو وهى مرحلة بداية التعليم والمعرفة، ثم يذاكر مرة أخرى ليحصل على الشهادة الابتدائية فى الديمقراطية، وبعد ذلك الإعدادية والثانوية وعندما يتقرر أن الخريجين صالحون للعمل بالنظام الجديد يكون الديكتاتور قد تقاعد وجاء ديكتاتور جديد يبدأ عهدا جديدا من أهم أساسياته أن يبحث للشعب عن طريقة أفضل ونظام أمثل لكى يحصل على كل الشهادات السالفة الذكر لكن وفق فهمه العبقرى لطبيعة الشعب المصرى الذى لا يريد الديكتاتورية ولا الديمقراطية ويحب أن يعيش حرا طليقا يتنقل بين الاثنين وهو طبعا نظام فريد من نوعه يناسب المتغيرات العالمية المتسارعة ويتناسب مع واقعنا «اللى موقعنا» فى قاع جدول ترتيب الدول المهمة حتى أصبحنا على وشك الهبوط تحت القاع يعنى تحت الأرض مثل نادى الزمالك وليس مثل الأهلى الذى نعود إلى حكاية حكمائه المطلوبين لكى يقولوا شيئا ولا يوجد شىء يقال غير الذى قيل - على رأى عادل إمام - فلا توجد منافسة فى الانتخابات والناس تعرف منذ 4 سنوات - أن الداخل فى قائمة حسن حمدى مسنود والخارج منها مفقود.
◄الكرة المصرية معجبة بملابسها الداخلية.. كنا نظن أن «الحياء» أفلت غصبا عن عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة عندما خلع بنطلونه خلال مشادة كلامية مع رئيس إحدى اللجان فى تعبير منه عن عمق فهم ما لا يفهمه الآخرون الذين يريدون أن يضحكوا عليه.. كنا نظن أن الغرف المغلقة تستر العورات وتقتصر مشاهد الاستربتيز على عدد محدود فى عروض خاصة ببعض الأندية والاتحادات.. إلا أن هنرى أكيلى اللاعب النيجيرى المحترف بفريق بترول أسيوط تطوع وعبر عن ثقافة يحبها اتحاد الكرة بعرض مثير على الهواء مباشرة عندما خلع الشورت وانتظر أن تنقل الكاميرا لملايين المصريين لون ونوع ملابسه الداخلية.. أنا لم أسمع ولم أشهد فى أى ملعب فى العالم ظاهرة خلع الشورت.. لكن تظل إيحاءات التصرف تفرض نفسها على واقع العمل.. وإذا تابعنا تعامل اتحاد الكرة مع بعض القضايا نراه فى أحيان كثيرة كما لو كان يخلع الشورت ويقول لنا «اللى مش عاجبه يشرب من البحر».. فهو لا يستحى عندما يتخذ موقفا لا علاقة له بالمنطق فى حالات كثيرة معروفة.. وعندما أراد تطفيش محمود الجوهرى لم يضيع وقتا وقال لنا والرجل يطفش أنه هو - أى الجوهرى - الذى يريد الطفشان، وهذه الأيام اختار محسن صالح بديلا له ويريد أن يكذب علينا ويقنعنا أن أحمد شوبير لم يكن صاحب القرار لأنه مجرد مستشار.. ليس الخطورة فقط فى رجل يخلع البنطلون أو الشورت ويؤذى مسامعنا وأعيننا، لكن الخطورة أكبر أن تخلع أفكار الناس الشورت حيث يكون الإيذاء أفدح وأوسع.. هذا هو «مزاج» الكرة المصرية.. كل ما تتزنق تقلع!!