لا تزعجنى الانتقادات الواسعة لعمرو خالد، ولكنى متخوف من أن تمنح شرعية لمنعه من ممارسة نشاطه، وتحرمه من حقه الدستورى والقانونى فى حرية الرأى والتعبير والتنظيم مثل أى مواطن مصرى.
الاختلاف حول أفكار عمرو وممارساته أمر طبيعى، بل ومطلوب، ويمكننى أن أضيف أنها دليل حيوية. فالخطر الحقيقى هو أن يكون إجماع حول أية قضية من أى نوع، لأن هذا معناه أننا بلد مات عقله وقلبه، وأصبحنا نسير كالقطيع وراء هذا الرأى أو ذاك، بل ومعناه أننا أصبحنا مجتمعا مستبدا لا يقبل التنوع، وفقد قدرته على تعايش الأفكار والفئات بمحبة واحترام دون تكفير دينى أو سياسى.
أظن أن جوهر المشكلة مع عمرو خالد أن هناك خلطا لدى البعض بين الدين، وبين استغلاله سياسيا، فهناك من يشعر بالخطر لأنه يرى أن التدين يصب لصالح أنصار ما يمكن أن نسميه التيار الدينى السياسى.. وهذا غير صحيح.
ثم إن التدين ـ أيا كان نوع الدين ـ حق ليس من حقنا منعه، ولكن من حقى وحقك أن نناضل ضد استخدام الدين لصالح السياسة، أما التدين العادى فهو، فى تقديرى، لصالح المجتمع، طالما أنه لا ينحو تجاه التطرف، ولا يعطى شرعية للعنف أو التكفير.
وحتى لو افترضنا أن عمرو لديه طموحا سياسيا، فهذا حقه مثلى ومثلك، طبقا للقانون والدستور وبشرط ألا يستخدم الدين فى ذلك، وإن كنت أظن أن الرجل رغم أصوله الإخوانية أبعد ما يكون عن ذلك هذا الطموح.
أما الكلام الذى يردده البعض بأنه غير مؤهل دينيا، فهو حق يراد به باطل، فالإسلام ليس فيه كهنوت، وليس من حق أحد أن ينصّب نفسه متحدثا رسميا باسم الإسلام.. ثم إذا كان الحديث عن الأزهر باعتباره الجهة الشرعية لتخريج الدعاة، فقد خرج منه من يروج لرضاعة الكبير، ولا أقصد التقليل من شأنه، فله كامل الاحترام، ولكن ما أقصده أنه ليس من حق جهة أن تحتكر الإسلام لنفسها.
وليس من حق أية جهة أن تحتكر لنفسها حق العمل الاجتماعى والتنموى، فتأسيس الجمعيات حق دستورى وكفلته المواثيق الدولية، ومن ثم فأنشطة عمرو خالد حق وليس منحه، طالما أنها تتم بشكل قانونى وتخضع للسلطات الرقابية فى البلد