إنما الأعمال بالنيات ولكل امريء ما نوي والله تعالي لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص لوجه الكريم. فليس بالاعمال الظاهرة وحدها يمكن الحكم علي الإنسان بالصلاح والتقوي فأسرار القلوب لايعلمها إلا الله وهو سبحانه الذي يعلم السر واخفي وخائنة الاعين وما تخفي الصدور فقد يبذل الإنسان روحه وهو يجاهد الاعداء ولكنه كان يقصد الرياء والسمعة والقاب البطولة وحصد الاوسمة والنياشين وقد تحقق له مايريد أو لم يتحقق فعمله في هذا مردود في وجهه وهو من أهل النار وقد يبذلها الإنسان من حر ماله في جميع اوجه الخير ولكن هدفه الأسمي هو ان يشار إليه بالبنان ويقال عنه المحسن الكبير والجواد الكريم فلان ويكون من أهل الوجاهة والتكريم بين الناس وهذا قد حبط عمله وهو من أهل النار.
وقد يحصل الإنسان العلم بحثا للشهرة والسمعة وانه اعلم العلماء أو افضل القراء وهذا يؤكد لنا عدم الحكم علي الإنسان بأفعاله الظاهرة لذا كان الإنسان في مجال اعمال الخير علي خطر كبير إذا لم يمحض القصد لله رب العالمين وهذا الحديث الشريف الذي اخرجه مسلم بسنده عن أبي هريرة يؤكد لنا تلك الحقيقة.
إن اول الناس يقضي عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتي استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت ليقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي انغمس في النار.. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قاريء فقد قيل ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي القي به في النار.. ورجل وسع الله عليه واعطاه من اصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب ان ينفق فيها إلا انفقت فيها لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب علي وجهه حتي القي به في النار.
هذا وبالله التوفيق.