ينتظر اللاعبون على مستوى العالم موعد انطلاق بطولة كأس العالم غدًا الجمعة، رغبة في تحقيق مجد كبير لبلادهم، أو مجدٍ شخصي له ( بما أن البطولة تعد أكبر سوق لعرض اللاعبين )، لكن الذي لا يضعه اللاعبون في حساباتهم أن القدر قد يتدخل لإبعادهم عن المشاركة في المونديال، بوقوعهم تحت طائلة الإصابة، أو استبعاد المدربين لهم.
فلطالما كانت الإصابات شبحًا لأي رياضي، وفي كرة القدم، يحاول لاعبو كرة القدم الابتعاد عن الإصابات قدر الإمكان، خاصة تلك التي قد تحرمهم من خوض مباريات مهمة أو بطولات كبرى، خاصة إذا ما كانت تلك البطولة هي كأس العالم.
وبالرغم من ذلك، إلا أن الإصابات تفرض نفسها على الساحة الكروية بشكل أو بآخر، ودائمًا ما تكون تلك الإصابة أكثر إيلامًا لأصحابها حينما تُعيقهم عن المشاركة في المونديال.
التاريخ مليء بالعديد من اللاعبين الذين ذاقوا مرارة الغياب عن كأس العالم بسبب الإصابة ولاسيما هؤلاء الذين غابوا وفازت منتخباتهم بالبطولة، مثل إيمرسون في عام 2002، روبيرتو بيتِّيجا في عام 1982، دانييل باسَّارييلا في عام 1986 وغيرهم الكثيرون.
منتخب الأسود الثلاثة
لعل أبرز وأكبر هذه الإصابات تلك التي ضربت المنتخب الإنجليزي في مقتل، وهي إصابة النجم ديفيد بيكهام، وهي الإصابة التي آلمت الإنجليز كثيرًا، وهو ما عبر عنه فابيو كابيللو ( المدير الفني للمنتخب ) الذي أكد افتقاده للاعب، واللاعب الذي كان يمني نفسه بالمشاركة في البطولة الأخيرة له، بعدما شارك في ثلاث نسخ في أعوام 1998، 2002، 2006.
ولقد جاهد اللاعب كثيرًا كي يضمن المشاركة في البطولة، فانتقل من لوس أنجلوس جالاكسي الأمريكي، إلى ميلان الإيطالي في يناير الماضي لإقناع المدرب فابيو كابيللو بأنه يستطيع المشاركة في أعلى المستويات، ولكن الذي لم يضعه اللاعب في حساباته أن يتدخل القدر لإبعاده قسريا عن البطولة.
ولم تقتصر خسائر منتخب "الأسود الثلاثة" على صاحب أفضل منفذ للضربات الثابتة في العالم، وإنما امتدت لتضرب أحد أبرز المدافعين على مستوى العالم ريو فرديناند، الذي تعرض للإصابة قبل أيام، ليكون ثاني المدافعين الذين يبعدوا عن منتخب بلاد الضباب بعد ابتعاد واين بريدج بسبب الخلافات بينه وبين جون تيري مدافع تشيلسي الصلب الذي أقام علاقة "غير مشروعة" مع زوجة بريدج.
وبالإضافة إلى هذه الغيابات لم يسمح القدر لمهاجم مايكل أوين، الذي كان يسعى لإقناع فابيو كابيلو بأنه يستحق التواجد في تشكيلة المونديال إلا أن إصاباته قبل شهرين جاءت لتذهب معها آماله أدراج الرياح، بالإضافة إلى هؤلاء اللاعبين فشل كابيللو في إقناع بول سكولز بالتراجع عن قرار الاعتزال لحاجته الشديدة إليه، لكنه لم يرضخ لطلبه، مؤكدا أنه يفضل التواجد إلى جانب أسرته بدلاً من المشاركة في المونديال.
وكان الغياب الأخير، والذي اختاره كابيللو بنفسه، هو إبعاد ثيو والكوت لاعب أرسنال، لتكون المرة الأولى منذ زمن بعيد التي لا يكون فيها أي لاعب من الأرسنال ممثل في المنتخب.
المانشافات تفتقد للجوهرة
ثاني المنتخبات التي كان للقدر دخل كبير في إبعاد أكثر من لاعب من قائمتها هو منتخب المانشافات، الذي تعرض لضربة قاصمة بإصابة أفضل لاعبيه وجوهرته التي كان يعول الألمان عليها كثيرًا في الابتعاد كثيرًا في البطولة، ولم لا الفوز بها، وهو مايكل بالاك لاعب وسط تشيلسي الإنجليزي( والذي تم فسخ عقده مؤخرًا )، الذي تعرض للإصابة بقطع في أربطة الكاحل.
وقد عبر يواخيم لوف عن خيبة أمله الكبيرة لغياب اللاعب حيث أكد لا يمكن تعويضه، بل إن بعض المسئولين طالبوه بضرورة الاعتزال الدولي كما رأى رئيس بايرن ميونخ أولي هونيس.
ولم تقتصر غيابات الألمان على مايكل بالاك، بل إنها امتدت لتشمل العديد من اللاعبين الذين سيؤثرون ولا شك على مستوى الماكينات في البطولة، حيث ستفتقد لحارسها الأول رينيه أدلير بسبب إصابته بكسر في أحد ضلوعه وقائد شالكة هيكو فيسترمان بسبب كسر في الإصبع الأصغر لقدمه اليسرى، إضافة إلى نجم خط وسط باير ليفركوزن سيمون رولفز الذي لم يتمكن من التعافي من إصابته في الركبة خلال شهر يناير، وكريستيان تراش الذي أُصيب بالتواء في كاحله الأيمن خلال مباراة تدريبية مع المنتخب الألماني في نهاية الشهر الماضي.
الطواحين الهولندية بدون جناحها
ونالت الطواحين الهولندية حصتها أيضاً من موجة الإصابات هذه إذ تعرض جناحها السريع آرين روبن والذي يعتبر ركيزةً أساسية في تكتيكات مدربها بيرت فان مارفيك للإصابة.
لكن إصابة لاعب بايرن ميونخ الألماني في فخذه الأيسر قد لا تكون على قدر كبير من السوء إذ توقع الأطباء إمكانية عودته إلى معسكر الفريق على الرغم من أن هذه الأنواع من الإصابات لا يمكن التكهن بالمدة الزمنية التي تتطلبها للتعافي منها كونها ترتبط إلى حد كبير بالتفاعلات الداخلية لجسم اللاعب نفسه.
ولم يستدع فان مارفيك ( الذي يتزوج اللاعب من ابنته ) حتى اللحظة هذه أي بديل لروبن وهو يترقب تعافيه بفارغ الصبر كون الأخير حجر أساسي في التشكيلة البرتقالية المرشحة للفوز باللقب.
وبالإضافة إلى الإصابات لم تضم التشكيلة المهاجم الفذ رود فان نيستلروي الذي جاهد مع شتوتجارت الألماني كي يعود لمستواه ويشارك، لكن التشكيلة النهائية لم تضمه.
الديوك قد لا تصيح في المونديال
وتعرض المنتخب الفرنسي لإصابة موجعة، حرمته من أبرز لاعبيه وهو لاسانا ديارا، ركيزة الديوك في وسط الميدان، إذ أصبحوا لا يمتلكون سوى ثلاثة لاعبين في مركز خط الوسط الدفاعي بعد عدم استدعاء الثنائي ماتيو فلاميني و باتريك فييرا، وهم جيريمي تولالان، ألو يارا و فاسِّيريكي أبو ديابي.
هذه المرة الإصابة جاءت غريبة للغاية، فنجم ريال مدريد تعرض لآلام معوية حادة خلال تدربه في المعسكر التدريبي للديوك، ولم يتمكن الطاقم الطبي لمنتخب فرنسا من وضع حد أو إيجاد أي علاج هذه الإصابة، ليُعلن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم عن غياب ديارا عن الملاعب لفترة غير محدودة.
المنتخبات الأفريقية وموعد مع الحظ العثر
بالإضافة إلى هذه المنتخبات الكبيرة، لم يخل أي فريق من استبعاد لاعبين بسبب الإصابة، لعل أبرزهم هو نجم المنتخب الغاني ميكايل إيسان، لاعب وسط تشيلسي، والذي لم يشارك في بطولة أفريقيا الماضية بأنجولا لذات السبب.
وربطت تقارير بين تجدد الإصابة للاعب وعدم مشاركته في ثاني بطولة كبيرة، وبين السحر الذي أصابه بسبب غضب والده عليه.
وبالإضافة إلى ميايكل إيسان هناك أندريا كينجستون، والذي تم استبعاده من قبل المدرب فما كان من اللاعب إلا أنه حاول الاعتداء على مدربه.
كما تعرض المنتخب العاجي لضربة موجعة بإصابة نجمه وقائده، ديديه دروجبا، إلا أن اللاعب يجاهد للتعافي من الإصابة بكسر في اليد، واللحاق بالبطولة التي تجمعه بمجموعة نارية مع كوريا الشمالية والبرازيل، والبرتغال.
وسيغيب عن المنتخب النيجيري أفضل مدافعيه أونيكشي أبام بسبب قطع في الرباط الصليبي للركبة، والمهاجم فيكتور أنيشيبي الذي لم يتمكن من استعادة كامل لياقته البدنية بالرغم من الوصول إلى مرحلة جيدة في عملية إعادة تأهيله بدنيًا بالإضافة إلى أبرز لاعبيه في وسط الميدان أوبي ميكيل لاعب وسط تشيلسي الإنجليزي.
وسيغيب نجم لاتسيو ونجم خط الوسط الهجومي الجزائري مراد مغني عن كأس العالم بعدما تجددت إصابته في ركبته اليُسرى و التي لاحقته منذ كان في سوشو الفرنسي.
اللعنة تواصل لعنتها على الجميع
كما سيغيب عن البطولة لويس ناني لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي قد تعرض أيضاً للإصابة، في ضربة موجعة لرفاق كريستيانو رونالدو، وسيكون روبن أموريم بديله في تشكيلة المدير الفني كارلوس كيروش، بالإضافة إلى الظهير الأيمن لتشيلسي بسبب إصابة في ركبته اضطر على إثرها لإجراء عمليتين جراحيتين عليها في مطلع العام الحالي.
هذا وتناقلت الصحف السويسرية خبر إصابة ألكسندر فراي قائد منتخبها في كاحله خلال تدريبات يوم الأربعاء الماضي عشية سفر البعثة السويسرية إلى جنوب أفريقيا، لينضم اللاعب إلى المهاجم ماركو ستريلر الذي أصيب بتمزق في عضلات الفخذ خلال التدريبات مع المنتخب.
وابتعد البرازيلي فيليبِّي لويس الظهير الأيسر لديبورتيفو لاكورونيا عن تشكيلة بلاده بعد الإصابة التي ألمت به في يناير الماضي.
كما سيفتقد المنتخب السلوفاكي لأكثر لاعبيه خبرة المدافع المُخضرم ميروسلاف كارهان بسبب نفس الإصابة التي تعرض لها ديفيد بيكهام.
كما يغيب نجم خط وسط كوريا الجنوبية كواك تاي هوي بسبب إصابة طفيفة في الركبة لكنها ستكلفه الغياب عن الملاعب لخمسة أسابيع.
ومن أبرز اللاعبين الذين ستغيبهم الإصابة مدافع منتخب صربيا راجانوفيتش الذي يلعب في إشبيلية الإسباني.
أهواء المدربين ودورها في إبعاد النجوم
بالإضافة إلى لعنة الإصابات فإن هناك نجوم تغيب عن المونديال بعدما لم تشملهم اختيارات مدربيهم، يأتي على رأسهم البرازيلي، رونالدينيو والذي قاد بلاده للتتويج في عام 2006, بالإضافة إلى زميله في أي سي ميلان المهاجم الشاب ألكسندر باتو، وأدريانو الذي انتقل لتوه إلى روما الإيطالي.
كما لم تشمل تشكيلة المدرب الفرنسي ريمون دومينيك، كريم بنزيمة، وسمير نصري، وحاتم بن عرفة ليغيبوا عن الديوك الفرنسية، ومكارثي في جنوب أفريقيا، وجوناتان دوس سانتوس لاعب خط وسط برشلونة الأسباني عن المكسيك.
ولم يضم المدرب الأرجنتيني خافيير زانيتي، وكامبياسو لاعبي الانتر المتوج بالثلاثية التاريخية هذا الموسم، دوري وكأس إيطاليا، وبطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
أما عن المنتخب الإيطالي، فإن تشكيلة المدرب مارتشيلو ليبي، لم تضم العديد من النجوم، يأتي على رأسهم معشوق الجماهير، فرانشيسكو توتي، نجم وسط روما الإيطالي وزميله المهاجم العملاق لوكا توني، الذي رحل عن البايرن في يناير الماضي على سبيل الإعارة كي يلعب بصفة أساسية ويضمن مكانه في التشكيلة إلا أن أحلامه ذهبت أدراج الرياح، واليساندرو ديل بييرو نجم اليوفنتوس الإيطالي, بالإضافة إلى فابيو جروسو لاعب ليون الفرنسي، وأليساندرو نيستا، وكل هؤلاء اللاعبين ساهموا بقوة في تتويج الأزوري باللقب الرابع في ألمانيا 2006.
فهل سيكون لهذه الغيابات التأثير على إعادة رسم خارطة القوى للمنتخبات المرشحة للظفر بأغلى الكؤوس العالمية.