المليكة والعاشق والليل الحزين... هكذا يبدأ محفوظ بداية من عمق الذات التي لا تحتمل بعدا ولا صبرا عمن يسكنها فيملك أعماقها.. ما أعذب لغة العشاق حين يتوسلون! وما أرقهم حتى حين يحزنون!
ومنها (مليكته) إلينا نحن ـ آل نغم ـ حيث ملك منا النياط وضمّخ بالعبارة الشفيفة الأذواق .. دعانا إلى قراءة أعماقه من الأعماق.. وأنّى لنا القدرة على ذلك ؟
حينما يفتح لك الشاعر الإنسان أو الإنسان الشاعر نافذة تفضي إلى دهاليز الذات الحزينة.. تمرّ أمامك لحظات بلون الحزن والألم ..يسكبها محفوظ مجازا طاغ على كل النص.. الصور الجديدة حد الدهشة !تجعل من هذا الذي نقرأه (على الورق) أصدق حبا وعشقا ومعاناة من كونه مجرد ناثر يتفنّن في رسم الصور والمجازات ! فقوة تجسيد بوحه لأكبر دليل على انسياق قلمه خلف حسه وكوامن ذاته المتلهفة ! لذلك هو يرتدي ألف زي ليستر عورات الحنين! أوحينما يتدثّر بيديها من ألف رشفة! وكأنما لكل رشفة حنين ! هنا تكون الملامح بلا ملامح فتصبح ضياعا...فالصمت أبلغ من الهذيان لحظة الضيق والحنين.. إذا حاول الإفصاح تمتم ثم عاد إلى صمته المعلن ..صرير قلم..أنين ذات عاشقة.. فلا يشتهي سوى تأملها والإصغاء بتمتمةٍ إليها متمنيا الكتابة على الصمت... وفي كل البوح وجدتُ محفوظنا يصرخ وهو صامتٌ ! فالصمتُ المسموع أقوى من التصريح والإفصاح الصارخ ! هي فلسفة محب فضل الصمت إرضاء لمليكته وإذعانا لذاته ففضحه صمته .