احمد شعلان
عدد الرسائل : 17047 الموقع : جريدة الامة تاريخ التسجيل : 24/09/2008
| موضوع: احمد شعلان يكتب :العالم الذي تحت خط الفقر الأربعاء 24 نوفمبر 2010 - 0:52 | |
| تقرير مؤسسة التأمين الوطني يقول في واقع الأمر أن إسرائيل تصبح دولتين: واحدة فوق الخط والاخرى تحت. وهذان عالمان لم يعودا يتعرفان الواحد على الآخر. إسرائيل رواتب التكنولوجيا العليا لا يمكنها حتى أن تتصور اسرائيل رواتب الحد الأدنى. يقول عالم الإجتماع سودهاير فينكتش في كتابه "Off the Books " الذي بحث فيه اقتصادر طبقة الفقراء في شيكاغو، إن يصف العالم الذي تحت الخط. عالم يكاد يكون بكامله خلطات وأحابيل، اقتصاده يدار في معظمه من تحت الطاولة. عالم مذهل، ملون، منفلت العقال وباعث على الاكتئناب حتى التراب. في هذا العالم، اصحاب مصالح تجارية صغيرة، لا يمكنهم أن يسمحوا لانفسهم بخدمات الحراسة، يعطون معوزي المأوى المجال للنوم داخل مصالحهم التجارية كي يردع تواجدهم السراقين. ومعوزو المأوى يسرهم أن يناموا على ارضية الدكان ببساطة كي يكون لهم ما يأويهم من البرد. او أن اصحاب المصالح التجارية يعطون الشحاذين اوراق الدعاية ليوزعوها مقابل استخدام المراحيض في الدكان. مصففة شعر مدانة بالقروض بالفائدة تؤجر مومسا ليس لديها مكانا تعمل فيه الغرفة الخلفية لصالون الشعر مقابل نسبة معينة من الربح. أم معيلة وحيدة لاطفالها تطبخ في الاماسي وتبيع وجبات دافئة في ساحة ايقاف السيارات مقابل دولارين. ومن هذا المبلغ تقطتع بعضا من المال للكنيسة التي تمنحها حصرية على موقف السيارات، او لاعضاء العصابة الذين يبعدون عن المحيط طباخة منافسة. ميكانيكي ليس لديه كراج، يصلح سيارات في ساحات مهجورة ويتلقى بالمقابل أجهزة كهربائية مستعملة يصلحها مرة اخرى ويبيعها مقابل الوشايات الصغيرة تعمد الشرطة على عدم اغلاق الكراج المعد على عجل، وتسمح لصاحبه بان يبيع ايضا بضائع مسروقة هنا وهناك. هذا عالم يكاد لا يكون شيء فيه لا يمر عبر سلطات الضريبة أو الجهاز القضائي والذي من أجل حسم الخلافات فيه يستخدم الوجهاء من الحي او المجرمين من العصابة التي تسيطر في المنطقة. عالم العنف والجوع يكمنان فيه دوما خلف الزاوية. في اسرائيل توجد خدمات رفاه أكثر نجاعة واكثر سخاءا مما في الولايات المتحدة، ولكنها تتقلص في الوقت الذي يزداد فيه الفقر. يخطىء من يظن أن وصف فينكتش مأخوذة من بلاد بعيدة. المزيد فالمزيد من الاسرائيليين، منهم اناس يعملون بوظيفة كاملة، يغرقون في عالم الخلطات، المقايضة البدائية والسوق السوداء ببساطة لانه لا بديل لهم. يمكن لهذا ان يكون قانونيا، سواء كان قاتما أم أسود. الامر منوط. يمكن أن يكون أيضا أم معيلة وحيدة، تنظف بيت الجارة المتقاعدة في الاماسي مقابل ان تخرج الجارة ابنها من الروضة وتعطيه وجبة ساخنة الى أن تعود امه في المساء من العمل. ويمكن لهذا ان يكون حارس بارات ليس لديه حساب بنكي ويقوم بمهمات صغيرة من أجل المجرمين مقابل تخفيض على صرف شيكات راتبه في السوق السوداء. عندما ليس فقط العاطلين عن العمل بل والعاملين ايضا لا يمكنهم أن ينالوا الرزق، يتفتت النسيج الذي يربط المجتمع بذاته. في العالم الذي تحت خط الفقر لا يتمتع الكثيرون من مزايا المجتمع، وعليه فليس لهم التزام تجاهه. من أجل بعضهم، الامر العادي هو التهديد وليس الحماية. العامل الاجتماعي، الشرطي، موظف الضريبة، المعلم – هم خطر محتمل على الخلطات الهشة التي تبقيه فوق سطح الماء. في هذا العالم يوجد جابو قروض عنيفون بدلاً من موظفي بنك، مجرمون من شرطة، فضائل تأتي بالصدمة بدلا من حقوق ثابتة. هناك، في الاسفل، القانون لا يحميك – وعندها فانه لا تكون لديك مصلحة في أن تحافظ عليه. اذا لم تكن فيها رحمة تجاه هؤلاء الناس، فليكن لنا على الأقل العقل كي يفهم بان تفتت النسيج الاجتماعي سيضرنا جميعا في نهاية المطاف.
| |
|