أما ونحن الآن فى مولد سيدى رئيس الجمهورية، فإذا تفضلت سيادتك ونزلت الشارع وسألت أى مواطن عن رأيه فى أى من المترشحين للرئاسة فستسمع إجابات عجيبة.. سيقول لك أحدهم إن المرشح الفلانى عنده كاريزما، وسيقول لك آخر إن المرشح العلانى صحيح ماعندوش كاريزما بس عنده ضمير.. وستسمع أحدهم يقول إن المرشح الترتانى محترم ووقور.. وسيجيبك آخر بأن المرشح ده بقى شكله حلنجى وبيلعب بالبيضة والحجر بس دمه خفيف.. وآخر سيعلق بأنه يعجبه مرشح منهم لأنه مهذب أو أنه سينتخب آخر لأنه متدين وبيعرف ربنا!!.. طيب أنا بقى عزيزى القارئ راضية ذمتك.. بذمتك يا شيخ، هو احنا عايزين رئيس جمهورية ولاّ عايزين عريس ؟ وبذمتك مرة أخرى، هل ما تسمعه من انطباعات حتى الآن يكفى لمنصب رئيس جمهورية؟.. ألا تشعر بأنها تصلح أن تكون صفات لعريس عندما تكون عايز تجوز بنتك؟.. وهذا هو بالضبط ما أشعر به كلما حضرت مناقشة ودية عن المترشحين للرئاسة.. أشعر بأننى أختار عريساً لا رئيسا للجمهورية!!.. وقبل أن تتهمنى بالفذلكة والافتراء على خلق الله المترشحين، أحب أن أؤكد لك أننى أكن كل تقدير واحترام لكل واحد منهم (لاحظ أن هذه هى الجملة التى عادة ما يقولها أى صحفى أو كاتب قبل الشتيمة على طول).. ولكنى أعتقد أن ما نحتاج أن نراه من هؤلاء المترشحين أشياء مختلفة تماما وصفات مختلفة تماما عن الذوق والأدب والكاريزما.. أحتاج أن أراهم بدأوا «يلغوصوا» أيديهم فى مشاكل الناس.. أحتاج أن أسمع منهم خططا تفصيلية عن سياساتهم بالنسبة للتعليم والصحة والعشوائيات إلى آخر مشاكلنا المزمنة.. أحتاج أن أسمع منهم أرقاما حقيقية مرفقة بخريطة موارد وجداول زمنية لتحقيق هذه الأرقام.. لكنك حاليا عندما تتأمل فى تصريحات مرشحى الرئاسة وسلوكهم أمام الكاميرات ستجد أن كلامهم لا يخرج عن كونه «فكر وفلسفة».. وكل ما نسمعه منهم هو كلام فضفاض لامع.. وتحركاتهم ما هى إلا مغازلات لشباب الـ«فيس بوك» و«نجوم إف إم».. فلا تشعر بأنك أمام أشخاص يقدمون ويفندون ما يجعلهم يصلحون لأن يتقلدوا منصب رئيس الجمهورية بقدر ما يقدمون ويفندون ما يجعلهم يصلحون لأن يكونوا «عرسان»!!.. والشهادة لله مفيش عرسان أحسن من كده!!.. والواضح أيضا أن كل هؤلاء المترشحين يفضلون العزف على الوتر العاطفى لدى الشعب المصرى، لذلك فهم حريصون على إظهار الجانب الإنسانى فيهم فقط أكثر من الجانب العملى وكأنه على وشك أن يقول: «انتخبونى لأنى لست حسنى مبارك!».. وهذا لأن الجانب الإنسانى لدى المترشحين معاكس تماما للجانب الإنسانى فى النظام السابق، وهو ما شكل عقدة عند المصريين.. والشعب المصرى معروف بعاطفيته، فهو الشعب الوحيد الذى سجل له التاريخ ابتداعه لهتاف فداء رئيسه بالروح والدم، وهو الشعب الوحيد الذى ظل يدعو لرئيسه بطول العمر إلى أن عاقبه الله برئيس معمر بعد أن انتهى من طول العمر دخل على عرضه!!.. ولكن لأن كل شىء راح وانقضى ومصر بعد ٢٥ تختلف عن مصر قبل ٢٥، فمن الأولى أن يظهر هذا الاختلاف فى معايير اختيار رئيس الجمهورية، ولذلك فإننى لست أدرى لماذا حتى الآن لم يقدم أى من المترشحين برنامجا محددا واضح الملامح.. هل مثلا الحاجات دى بتتنظر؟ وللا كل واحد منهم خايف المرشح اللى جنبه يغش منه فبيدارى على ورقته؟.. عموما، رب ضارة نافعة.. فعلى مدى السنوات القليلة الماضية كان يتردد بكثرة عند معشر السيدات إن خلاص لم يعد هناك رجال تصلح للزواج ويا عينى على البنات اللاتى تأخر سن زواجهن بسبب ندرة «الرجالة اللى بجد» وحتى الإحصائيات الرسمية الحديثة أصبحت تؤكد زيادة معدل العنوسة.. ولكن لأن لابد لليل أن ينجلى فالحمد لله أهو موضوع الترشح لمنصب رئيس الجمهورية إتفتح عالبحرى وكل واحد كان قاعد فى بيته فى أمان الله أصبح الآن يشاور عقله فى الترشح والعرسان هتزيد وهتفرج!!... والآن اسمح لى أن أقطع المقال لأن لدى مشواراً مهماً.. فقد نويت والنية لله أن أرشح نفسى لمنصب رئيس الجمهورية... إشمعنى؟.. ماهو زى ما فيه عرسان فيه برضه عرايس يا خفيف!