فوق كل قطعة أرض من تراب غزة الغالية تحلق أرواح الشهداء.. هنا في رفح وخانيونس ودير البلح وجباليا وبيت لاهيا.. فوق كل موقع استشهد الأبطال رجالا ونساء وأطفالا.. شيوخا داهم القتلة بيوتهم.. فأردوهم شهداء بدم بارد.
أرض غزة تنبت سنابل الشهداء فوق كل شبر.. وتطوف الأرواح الخالدة.. الطاهرة فوق كل أحيائها.. وعبر دروبها.. وبين أروقة مخيماتها.. أصبح الموت هنا مثارا للفخر والعزة.. الناس يهنئون بعضهم بالشهداء.. يزفونهم في مواكب مهيبة..
تتجلي صورهم في القلوب والأفئدة.. وتحمل الجدران شعارات الفخر باستشهادهم في مواجهات بطولية مع الاحتلال الغاصب.
التقيت في غزة بأسر الشهداء.. هذا فقد أبناءه.. وذاك استشهدت بناته.. وآخر فقد أبويه وإخوته.. فقدوا أعز الناس.. ولكن بعزيمتهم، وإيمانهم، وقلوبهم التي اعتادت علي تقديم التضحيات تجدهم يحدثونك عن فقد الحبيب والعزيز بهدوء وفخر.. وبروح قلما تتوافر لدي شعب من الشعوب كشعب غزة.. وأهلها الصامدين رغم الجراح والآلام وما أكثرها.
كم هي مريرة الحكايات والروايات التي تتناقلها الألسنة وتعبر عنها الوقائع الميدانية.. وهي حكايات وروايات تكشف عن معدن هذا الشعب الأصيل.. الذي وإن كان فقد بعض الأعزة والأحبة إلا أنه لم يفقد إيمانه أبدا بقضيته وحقه في الحياة.
معنويات أبناء غزة في السماء.. أفشلوا بصمودهم الأسطوري العدوان الغاصب.. وهزموا بإرادتهم الحديدية قوي البغي والعدوان، وأسقطوا طموحات ليفني وباراك وأولمرت ودفعوهم مرغمين لتغيير مواقفهم السياسية وتهديداتهم التي أطلقوها عشية الحرب.. شعب كهذا يصعب علي أي قوة في الأرض أن تدفعه للتراجع أو التنازل عن حقوقه.
فعل الصهاينة كل ما يريدون.. دمروا الحجر والبشر.. ذبحوا الحيوان وقتلوا الطيور.. دمروا البراعم الصغيرة.. وجرفوا الزراعات ومزارع الزيتون.. ومع ذلك لم يستطيعوا أن يحققوا أهدافهم في كسر إرادة الشعب الفلسطيني البطل في غزة.
إنها أرض الشهداء.. والأبطال والأحرار.. أرض الخير التي أنبتت المجاهدين الأوائل منذ الشهيد البطل عز الدين القسام.. حتي كوكبة الشهداء الأفذاذ الذين سطروا أروع الملاحم في تاريخ النضال.
شعب كهذا سوف ينتصر علي الغزاة والمتآمرين والقتلة كبارهم وصغارهم.. فأرض الشهداء لن تنبت غير الأحرار الذين سيطهرون أرضهم من رجس الشيطان.