تونس البداية
بقلم : عمرو حسنين
( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) آية قرآنية ربانية فسرها شاعر الحرية التونسى أبو القاسم الشابى عندما أنشد : " إذا الشعب يومًا أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر .. ولابد لليل أن ينجلى .. ولابد للقيد أن ينكسر " وأفتى بها الفقه الإسلامى عندما قرر أن مصلحة الجماعة هى شرع الله , حتى ترجم ذلك كله الشعب التونسى البطل عندما ثار ليطيح بعرش الطاغية وليفتح أبواب الأمل أمام أشقائه الذين مازالوا رهن اعتقال سلطات الفساد والاستبداد والبلطجة والطوارئ والإرهاب ..
إن ما حدث فى تونس قابل للتعميم فى كل دولة عربية وأولها مصر , فكل أسباب ثورة الشعب التونسى البطل موجودة فى مصر , بل ويضاف إليها الكثير من ترقيعات دستورية أغلقت كافة الطرق الشرعية للتداول السلمى للسلطة , وتأميم النقابات المهنية والعمالية , ونهب ثروات الشعب ومصادرتها لصالح قلة محتكرة متحالفة مع سلطة احتكرت الحكم لأكثر من ثلاثين عامًا , وبيع قلاع مصر الصناعية , وتصدير الغاز لإسرائيل , وقتل المواطنين وتعذيبهم وهتك أعراضهم فى مقار أمن الدولة وأقسام الشرطة وتلفيق القضايا للشرفاء ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية ..
لذا فالعدوى الصحية التى يمكن أن تصاب بها مصر والدول العربية من ثورة الشعب التونسى البطل لمتوقعة , لأن الأزمات المتشابهة تولد نتائج متشابهة , وإذا كان لكل ثورة شهداء , فعدد شهداء ثورة تونس لا يتجاوز فى بلدنا فى يوم واحد عدد شهداء حوادث الطرق أو القطارات المحترقة أو العبارات الغارقة أو العمارات المنهارة , أو عدد شهداء مرض الفشل الكلوى أو الكبدى أو السرطان بفعل شرب المياه المخلوطة بالصرف الصحى وأكل الطعام المسرطن ..
فلنرتو مياه الحرية التى تدفقت من تحت أقدام ثوار تونس الأبطال , كما تدفقت من قبل من تحت قدمى بطل قيروان تونس الفاتح الإسلامى العظيم عقبة بن نافع , ولنتهيأ للتغيير الذى أمرنا به الله وفسره لنا شاعر الحرية التونسى أبو القاسم الشابى , لأن الليل الطويل الذى انجلى عن شعب تونس البطل يوشك أن ينجلى عن باقى العرب , والقيد الذى انكسر بين يدى ثوار تونس الأبطال لن يصمد فى بقية دول التبعية والمحسوبية والاحتكارات والتزوير والاعتقالات , وإرادة الحياة التى تجلت فى تونس ستمتد لتحيى الموات من المحيط إلى الخليج , فتونس هى البداية .