حسب القانون يجب أن يقدم المسئول عند ترشحه لأي منصب إقرارًا عن ذمته المالية يحتوى على كل ما يمتلكه قبل توليه هذا المنصب حتى يمكن محاسبته عما طرأ عليه من ثراء خلال فترة منصبه ينطبق هذا سواء كان المنصب صغيرًا أو كبيرًا حتى منصب رئيس الجمهورية ، فالرئيس بصفته موظفـًا عامـًا حسب نصوص الدستور مضطرًا قانونـًا وملزمـًا بتقديم إقرار عن ذمته المالية كل خمس سنوات للجهات الرقابية وذلك حسب القانون 62 لسنة 1975 والخاص بالكسب غير المشروع وهو ما يعرف في الشارع بقانون ( من أين لك هذا ؟ ) لكن للأسف إن شيئا من هذا لا يحدث ، فى الوقت نفسه أصبح من الصعب التستر على قضايا الفساد إذ أن الأقمار الصناعية وشبكات الإنترنت ووكالات الأنباء تتناقل الوقائع ساعة بساعة لكن المسئول يستطيع أن يخرس الألسنة بمجرد تقديمه إقرار الذمة المالية.
مثال ذلك : نشرت الصحافة الأجنبية منذ سنوات إن ثروة الرئيس مبارك قد تجاوزت الــ 50 مليار دولار أي أكثر من 350 مليار جنيه ، مشيرة إلى أن تلك الثروة تراكمت من خلال مسئولين في الحكومة يوفرون لأسرة الرئيس الغطاء اللازم للحصول علي العمولات ، كعمولات شراء الطائرات المدنية واحتكار الخدمات الأرضية للطائرات وعمولات واردات مصر من السلع التموينية وعمولات تجارة السلاح والتلاعب في أسعار البورصة وعمولات بيع القطاع العام وعمولات القروض البنكية وعمولات بيع ديون مصر والسمسرة في المشروعات الكبيرة وبيع تراث مصر والاستيلاء على أموال المودعين في شركات توظيف الأموال بعد اعتقال أصحاب هذه الشركات ... وأتساءل لماذا لا يقدم الرئيس مبارك إقرارًا عن ذمته المالية ويخرس تلك الألسنة ؟! ولماذا يتم إخفاء نشاط نجله جمال مبارك وصفقاته وأرباحه وثرواته التي قيل أنها تجاوزت منذ سنوات المليار دولار ؟! وماذا عن قول اللواء منير ثابت صهر الرئيس مبارك في برنامج اختراق 4 مايو 2005 بأن الرئيس مبارك قد اشترى قصر الرئاسة المعروف باسم قصر العروبة بمصر الجديدة مع العلم بأن أرض القصر فقط قُـُُدرت منذ سنوات بحوالي نصف مليار جنيه هذا بخلاف تحف وأثاث القصر؟!
أعود وأسأل لماذا لا يقدم الرئيس مبارك إقرارًا عن ذمته المالية ليس فقط لإخراس الألسن ولكن لأن السادة أصحاب المعالي المقتدين بسيادته والمتبعين لسياسته لا يقدمون إقرارًا عن ذمتهم المالية ، فتحولت الوزارات التي يقومون بإدارتها إلى فرع آخر لشركاتهم الخاصة مستغلين مراكزهم الرسمية أبشع استغلال متخذين من مواقعهم ستارًا لأعمال مشبوهة غير قانونية جنوا من ورائها ثروات تقدر بالمليارات؟!
لنا أن نسال كيف حصل الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء على قصوره الثلاثة في وادي النخيل على الطريق الصحراوي ؟!
ولنا أن نسال كيف حصل الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية على قصريه فى الزمالك والفيوم؟!
ولنا أن نسال كيف حصل فتحي سرور وصفوت الشريف وكمال الشاذلي و زكريا عزمي على قصور أرض
الجولف ؟!
وماذا عن المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان والاستيلاء على مساحة 36 مليون متر من أملاك الدولة لصالح شركته " بالم هيلز " والاستيلاء علي مساحة 16 مليون متر مكعب قيمتها 800 مليار جنيه وبيعها لرجال الأعمال وهي الفضيحة التي كشفها الجهاز المركزي الوطني لاستخدامات الأراضي ،هذا بخلاف إهدار الوزير وابن خالته المهندس محمد لطفي منصور وزير النقل السابق 4 مليارات و 700 مليون جنيه في مشروع بيع أرض ميدان التحرير لصالح شركة الوزير؟!
وماذا عن الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة وإصداره قرارات صرف الأدوية من مستشفياته " دار الفؤاد " لتدخل النفقات في أرباحه في موازنة علاج الفقراء على نفقة الدولة ، وكذلك استيراد مستلزمات مستشفياته بأسعار منخفضة ، ناهيك عن أن الوزير له ثلاث شركات سياحية وأكثر من عشر شركات طبية منها مستشفى
" دار الفؤاد " ومركز للأشعة " كايرو سكان " ومعمل للتحاليل " البرج " كما أنه شريك شقيقه شريف الجبلي الذي يعتبرأحد أهم محتكري صناعة الأسمدة؟!
وماذا عن المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والذي يمتلك عدة شركات صناعية منها " كنوز " و" فاين فودز " واستغلاله لمنصبه في تحرير أسعار الاستيراد وتسهيل عمليات التصدير ، بالإضافه لمجاملة أصدقائه رجال الأعمال ومنهم آل الجبلي والمهندس أحمد عز؟!
وماذا عن زهير جرانة وزير السياحة وعمرو العزبى رئيس هيئة التنشيط وتخريبهما لميزانية الوزارة في الرحلات الترفيهية لمسئولي الهيئة تكبدت الوزارة بسببها 39.5 مليون دولار إلى جانب 115 مليون جنيه ضاعت في المكاتب الخارجية لخدمة عملاء شركات الوزير السياحية الكبرى؟!
وماذا عن الدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف وإهدار وزارته للمال العام وضمها لمساجد وهمية غير موجودة وضمها لمساجد أكثر من مرة في عدة محافظات ، وتعيين أقارب بعض المسئولين ، والاتهام بالفساد والرشوة لكل من: ( مدير مكتب الوزير ووكيل أول الوزارة ووكيل الوزارة وعدد من وكلاء الوزارة وعدد من رؤساء القطاعات ومديري الأوقاف ) ناهيك عن تدخل أحمد عز في عمل الوزارة خاصة بعد أن قامت مؤسسة عز بتوزيع رواتب على الأئمة والخطباء والمفتشين والمديرين في دائرة أحمد عزالانتخابية بالمنوفية؟!
وماذا عن فاروق حسنى وزير الثقافة الرجل الذي كان تعيينه وزيرًا كارثة في أوساط المثقفين ، ناهيك عن اتهام مدير مكتبه بالفساد والرشوة؟!
وماذا عن المهندس سامح فهمي وزير البترول الذي باع الناس في مصر واشترى الإسرائيليين بتوقيعه وموافقته على تصدير الغاز المصري لإسرائيل بأقل من أسعاره العالمية ، وإهداره للمال العام على أندية كرة القدم التابعة لقطاع البترول؟!
وماذا عن كبار المسئولين الذين تفوق ثرواتهم ثروات أمراء وشيوخ النفط ؟! ماذا عن مليارات الشاب أحمدعز الذي يمتلك وحده ومنذ سنوات أكثر من 40 مليار جنيه جمعها خلال ست سنوات فقط بسبب علاقته وصداقته لجمال مبارك ؟! ماذا عن مليارات هشام طلعت مصطفى بطل فضيحة سوزان تميم ، وهل يوجد رجل اكتسب مليون دولار من حلال يمكن أن ينثرها هباءً منثورًا لقاتل مأجوربل ويعرض 30 مليون دولار دية لقتيله؟! وماذا عن ممدوح إسماعيل قاتل أكثر من ألف إنسان في البحر " ملك البحار " بنص شهادة المدعى العام الاشتراكي؟! وماذا وماذا وماذا... ؟!
كل هذه التجاوزات التي أشرت إليها هي جزء من تجاوزات أخرى لا يتسع المجال الآن لذكرها والتي تشكل جميعـًا في اعتقادي جرائم منصوصًا عليها في قانون العقوبات المصري .. لا أملك سلطة الاتهام ولكنى أخاطب السلطات العامة .. ليس من صالح أحد السكوت على جرائم السادة أصحاب المعالي وغيرهم .. إننا نرتكب إثمـًا كبيرًا إذا صمتنا لأن الذي يفعل هذه الجرائم التي سبق وأشرت إلى بعض منها يفعل أكثر من ذلك ، الأمر الذي يتطلب قرارًا سياسيـًا عاجلاً حتى لا يكون تحقيق النيابة فرصة لمد عمر السادة أصحاب المعالي وغيرهم في مواقعهم ..أعود وأؤكد ما كانت هذه الجرائم لتحدث لو قدم كل مسئول إقراره عن ذمته المالية .